أخرى التحقت بالمسلمين، ولذلك ظنوا أن المسلمين يحاربون بضعف قوتهم الأولى ويسيطرون على ميدان الحرب سيطرة تامة، مع أنهم قبل الدخول لم يكن يخطر لهم ذلك أبدا، بل كانوا يرون المسلمين أقل مما كانوا عليه. في الآية 44 من سورة الأنفال إشارة إلى ذلك أيضا وإذ يريكموهم إذا التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا.
تذكروا يوم لقائكم بهم في ميدان الحرب، فقد أظهرناكم في أعينهم قلة لكي لا يتجنبوا حربا ستؤدي إلى هزيمتهم - كما أظهرناهم في أعينكم قلة لكي لا تضعف معنوياتكم في حرب مصيرية -. وما أن بدأ الحرب حتى تبدلت المشاهد، وظهر المسلمون في أعين الأعداء بأعداد مضاعفة، فكان هذا واحدا من أسباب هزيمتهم.
وجاء في بعض الروايات أن أحد المسلمين قال: قبل نشوب القتال في بدر قلت لرفيق لي: ألا تظن أن عدد الكفار سبعون نفرا؟ فقال: إني احسبهم مائة نفر، ولكن عندما انتصرنا في الحرب وأسرنا منهم عددا غفيرا سمعنا أن عددهم ألف نفر (1).
ش والله يؤيد بنصره من يشاء.
تشير الآية إلى حقيقة أن الله ينصر من يشاء. لقد سبق أن قلنا إن مشيئة الله وإرادته لا تكون بغير حساب، بل هي تكون بموجب حكمته وفي حدود لياقة الأفراد، أي أن الله يؤيد الذين يستحقون ذلك.
جدير بالذكر أن النصر الإلهي للمسلمين في الحادثة التاريخية كان ذا جانبين، فقد كان " نصرا عسكريا " و " نصرا منطقيا ". فمن الناحية العسكرية: