هذا التعبير القرآني ورد في موضعين. هذا أحدهما هنا والآخر في سورة النساء، إذ يقول: لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل في قبلك (1).
وبحسب المعنى اللغوي لهذه الكلمة، فإنها تعني الذين لهم قدم ثابتة في العلم والمعرفة.
طبيعي أن يكون معنى الكلمة واسعا يضم جميع العلماء والمفكرين، إلا أن بين هؤلاء أفرادا متميزين لهم مكانتهم الخاصة، ويأتون على رأس مصاديق الراسخين في العلم وتنصرف إليهم الأذهان عند استعمال هذه الكلمة قبل غيرهم.
وهذا هو الذي تقول به بعض الأحاديث التي تفسر الراسخين في العلم بأنهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمة الهدى (عليهم السلام)، فقد سبق أن قلنا إن لكلمات القرآن ومفاهيمه معاني واسعة، ومن مصاديقها البارزة الشخصيات النموذجية السامية التي تذكر أحيانا وحدها في تفسير تلك الكلمات والمفاهيم.
عن بريد بن معاوية قال: قلت لأبي جعفر " الباقر " (عليه السلام): قول الله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم قال: " يعني تأويل القرآن كله، إلا الله والراسخون في العلم، فرسول الله أفضل الراسخين، وقد علمه جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل، وما كان الله منزلا عليه شيئا لم يعلمه تأويله وأوصياؤه من بعده يعلمونه كله " (2).
وهناك أحاديث كثيرة أخرى في أصول الكافي (3) وسائر كتب الحديث بهذا الشأن، جمعها صاحبا تفسير " نور الثقلين " وتفسير " البرهان " في ذيل هذه الآية.