الإثم، وتشمل الآثار الطبيعية والآثار الجزائية والعقوبات.
أما " الغفران " فتعني أن يصون الله العبد من أن يمسه العذاب عقوبة على ذنبه.
وعليه، فإن استعمال الكلمتين يفيد أن المؤمنين طلبوا من الله أن يزيل الآثار التكوينية والطبيعية لزللهم عن أرواحهم ونفوسهم، لكي لا تصيبهم عواقبها السيئة.
كما أنهم طلبوا منه أن لا يقعوا تحت طائلة عقابها. وفي المرحلة الثالثة يطلبون " رحمته الواسعة " التي تشمل كل شئ.
ش أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.
وفي آخر دعواهم يخاطبون الله على أنه مولاهم الذي يتعهدهم بالرعاية والتربية ويطلبون منه أن يمنحهم الفوز والانتصار على الأعداء.
في هاتين الآيتين خلاصة لسورة البقرة كلها، وهما تهدياننا إلى روح التسليم أمام رب العالمين، وتشيران إلى أن المؤمنين إذا أرادوا من الله أن يغفر لهم زلاتهم وأن ينصرهم على الأعداء كافة، فلابد لهم أن ينفذوا برنامج " سمعنا وأطعنا " أن يقولوا: إننا سمعنا دعوات الداعين وقبلناها بكل جوارحنا وإننا متبعوها، ولن ندخر وسعا في حث السير على هذا السبيل. وعندئذ لهم أن يطلبوا الانتصار على الموانع والأعداء.
إن تكرار كلمة " رب " أي الذي يلطف بعباده ويربيهم يكمل هذه الحقيقة.
ولهذا حثنا أئمة الدين في أحاديثهم على قراءة هاتين الآيتين، وبينوا ما فيهما من أبواب الثواب. فإذا تناغم اللسان والقلب في تلاوتهما ولم تكن التلاوة مجرد ألفاظ تجري على اللسان، تغدو حينئذ برنامجا حياتيا، فإن تلاوتهما تربط بين القلب وخالق الكون، وتضفي الصفاء على الروح وتكون عاملا على التحرك والنشاط.
يستفاد جيدا من هذه الآية أن (التكليف بما لا يطاق) لا يوجد في الشريعة المقدسة، لا في الإسلام ولا في الأديان الأخرى، والأصل هو حرية الإنسان