في البداية تقول آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه فهذا المعنى وهذه الخصيصة تعتبر من امتيازات الأنبياء الإلهيين جميعا بأنهم مؤمنون بما جاءوا به إيمانا قاطعا، فلا شك ولا شبهة في قلوبهم عن معتقداتهم، فقد آمنوا بها قبل الآخرين واستقاموا وصبروا عليها قبل الآخرين.
ونقرأ في الآية 158 من سورة الأعراف أن هذه الخصيصة تعتبر من صفات الرسول الأكرم ومن امتيازاته حيث تقول: فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته.
ثم تضيف الآية الكريمة: والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله (1) وهذه الجملة الأخيرة من كلام المؤمنين أنفسهم، حيث يؤمنون بجميع الأنبياء والمرسلين وشرائعهم بخلاف البعض من الناس الذين تقول عنهم الآية 150 من سورة النساء ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض (2).
المؤمنون لا يرون تفاوتا بين رسل الله من جهة أنهم مرسلون من قبل الله تعالى، ويحترمونهم ويقدسونهم جميعا. ومعلوم أن هذا الموضوع لا ينافي مقولة نسخ الشرائع السابقة بواسطة الشريعة البعدية، لأنه كما سبقت الإشارة إليه أن تعليمات الأنبياء وشرائعهم من قبيل المراحل الدراسية المختلفة من الابتدائية والمتوسطة والاعدادية والجامعة، فبالرغم من أنها تشترك جميعا في الأصول والمبادئ الأساسية، إلا أنها تختلف في السطوح والتطبيقات المختلفة، فعندما يرتقي الإنسان إلى مرحلة أسمى فإنه يترك البرامج المعدة للمرحلة السابقة ويأخذ