استأجره) أي: اتخذه أجيرا (إن خير من استأجرت القوي الأمين) أي: خير من استعملت من قوي على العمل، وأداء الأمانة. قال عمر بن الخطاب: لما قالت المرأة هذا، قال شعيب: وما علمك بأمانته وقوته؟ قالت: أما قوته فلأنه رفع الحجر الذي لا يرفعه كذا وكذا. وأما أمانته: فإنه قال لي: إمشي خلفي، فأنا أكره أن تصيب الريح ثيابك، فتصف لي عجزك. وقيل: القوي في نزعه الحجر من البئر، وكان لا يستطيعه إلا النفر. الأمين في غض طرفه عنهما، حين سقى لهما، فصدرتا، وقد عرفتا قوته وأمانته. فلما ذكرت المرأة من حاله ما ذكرت زاده ذلك رغبة فيه.
(قال إني أريد أن أنكحك) أي: أزوجك (إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج) أي: على أن تكون أجيرا لي ثماني سنين (فإن أتممت عشرا فمن عندك) أي: ذلك تفضل منك، وليس بواجب عليك. وقيل: معناه على أن تجعل جزائي وثوابي إياك، على أن أنكحك إحدى ابنتي، أن تعمل لي ثماني سنين.
فزوجه ابنته بمهر، واستأجره للرعي، ولم يجعل ذلك مهرا، وإنما شرط ذلك عليه.
وهذا على وفق مذهب أبي حنيفة، والأول أصح وأوفق لظاهر الآية. (وما أريد أن أشق عليك) في هذه الثمانية حجج، وأن أكلفك خدمة سوى رعي الغنم. وقيل:
وما أشق عليك بأن آخذك بإتمام عشر سنين.
(ستجدني إن شاء الله من الصالحين) في حسن الصحبة، والوفاء بالعهد.
وإنما علق الصلاح بمشيئة الله، لأن مراده إن شاء الله تبقيتي. فمن الجائز أن يخترمه الله، ولا يفعل الصلاح الديني الذي يريده. وحكى يحيى بن سلام أنه جعل لموسى كل سخلة توضع على خلاف شية أمها، فأوحى الله إلى موسى في المنام، أن ألق عصاك في الماء ففعل، فولدن كلهن على خلاف شيتهن. وقيل: إنه وعده أن يعطيه تلك السنة من نتاج غنمه كل أدرع (1)، وأنها نتجت كلها درعا. وروى الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل أيتها التي قالت:
(إن أبي يدعوك). قال: التي تزوج بها. قيل: فأي الأجلين قضى؟ قال: أوفاهما وأبعدهما عشر سنين. قيل: فدخل بها قبل أن يمضي الشرط أو بعد انقضائه؟ قال:
قبل أن ينقضي. قيل له: فالرجل يتزوج المرأة، ويشترط لأبيها إجارة شهرين، .