(يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا) أي: ليتني اتبعت محمدا صلى الله عليه وآله وسلم، واتخذت معه سبيلا إلى الهدى (يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا) يعني أبيا (خليلا) وقيل: أراد به الشيطان، عن مجاهد. وإن قلنا: إن المراد بالظالم هنا جنس الظلمة، فالمراد به كل خليل يضل عن الدين. ولو قال: لما اتخذ فرعون وهامان وإبليس وجميع المضلين لطال، فقال: فلانا، حتى يتناول كل خليل مضل عن الدين.
(لقد أضلني) أي: صرفني وردني (عن الذكر) أي: عن القرآن والإيمان به (بعد إذ جاءني) مع الرسول، وتم الكلام هنا. ثم قال الله: (وكان الشيطان للإنسان خذولا) لأنه يتبرأ منه في الآخرة، ويسلمه إلى الهلاك، ولا يغني عنه شيئا (وقال الرسول) يعني محمدا صلى الله عليه وآله وسلم، يشكو قومه (يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا) يعني هجروا القرآن، وهجروني وكذبوني، عن ابن عباس.
والمعنى: جعلوه متروكا لا يسمعونه، ولا يتفهمونه. وقيل: إن قوله (وقال الرسول) معناه: ويقول كما في قول الشاعر:
مثل، العصافير أحلاما ومقدرة * لو يوزنون بزف الريش ما وزنوا (1) أي: ما يزنون.
* (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا [31] وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا [32] ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا [33] الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا [34] ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا [35] فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم تدميرا [36] وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية وأعتدنا للظالمين .