(فكنتم بها تكذبون قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا) أي: شقاوتنا ومعناهما واحد، وهو المضرة اللاحقة في العافية والسعادة المنفعة اللاحقة في العافية. ويقال لمن حصل في الدنيا على مضرة فادحة: شقي. والمعنى استعلت علينا سيئاتنا التي أوجبت لنا الشقاء. (وكنا قوما ضالين) أي: ذاهبين عن الحق. ولما كانت سيئاتهم التي شقوا بها سبب شقاوتهم، سميت شقاوة توسعا. ومن أكبر الشقاوة أن تترك عبادة الله تعالى إلى عبادة غيره، وتترك الأدلة، ويتبع الهوى (ربنا أخرجنا منها) أي: من النار (فإن عدنا) لما تكره من الكفر، والتكذيب، والمعاصي (فإنا ظالمون) لأنفسنا. قال الحسن: هذا آخر كلام يتكلم به أهل النار، ثم بعد ذلك يكون لهم شهيق كشهيق الحمار.
(قال اخسئوا فيها) أي: ابعدوا بعد الكلب في النار. وهذه اللفظة زجر للكلاب. وإذا قيل ذلك للإنسان، يكون للإهانة المستحقة للعقوبة (ولا تكلمون) وهذه مبالغة للإذلال والإهانة، وإظهار الغضب عليهم، لأن من لا يكلم إهانة له، فقد بلغ به الغاية في الإذلال. وقيل: معناه ولا تكلمون في رفع العذاب، فإني لا أرفعه عنكم. وهي على صيغة النهي، وليست بنهي، لأن الأمر والنهي مرتفعان في الآخرة، لارتفاع التكليف. (إنه كان فريق من عبادي) أي: طائفة من عبادي، وهم الأنبياء، والمؤمنون (يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين) أي: يدعون بهذه الدعوات في الدنيا، طلبا لما عندي من الثواب (فاتخذتموهم) أنتم يا معشر الكفار (سخريا) أي: كنتم تهزؤون وتسخرون منهم. وقيل: معناه تستعبدونهم وتصرفونهم في أعمالكم وحوائجكم كرها بغير أجر. وقيل: إنهم كانوا إذا آذوا المؤمنين، قالوا: انظروا إلى هؤلاء رضوا من الدنيا بالعيش الدني طمعا في ثواب الآخرة، وليس وراءهم آخرة، ولا ثواب، فهو مثل قوله: (وإذا مروا بهم يتغامزون). (حتى أنسوكم ذكري) أي: نسيتم ذكري لاشتغالكم بالسخرية منهم، فنسب الإنساء إلى عبادة المؤمنين، وإن لم يفعلوه، لما كانوا السبب في ذلك (وكنتم منهم تضحكون) ظاهر المعنى.
(إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون [111] قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين [112] قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فسئل العادين [113] قال إن