يموتون. هذا رد لقولهم: (ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق) ومعناه. ما جعلنا الأنبياء قبلك أجسادا لا يأكلون الطعام، ولا يموتون، حتى يكون أكلك الطعام، وشربك، وموتك، علة في ترك الإيمان بك، فإنا لم نخرجهم عن حد البشرية بالوحي. قال الكلبي: الجسد المجسد الذي فيه الروح، ويأكل ويشرب. فعلى هذا يكون ما يأكل ويشرب جسما. وقان مجاهد: الجسد ما لا يأكل ولا يشرب. فعلى هذا يكون ما يأكل ويشرب نفسا.
(ثم صدقناهم الوعد) أي: صدقناهم الوعد بأن العاقبة الحميدة تكون لهم، ومعناه أنجزنا ما وعدناهم به من النصر والنجاة، والظهور على الأعداء، وما وعدناهم به من الثواب (فأنجيناهم ومن نشاء) أي: فأنجيناهم من أعدائهم، وأنجينا معهم من نشاء من المؤمنين بهم (وأهلكنا المسرفين) على أنفسهم بتكذيبهم الأنبياء. قال قتادة: المسرفين هم المشركون. وهذا تخويف لكفار مكة. ثم ذكر نعمته عليهم بإنزال القرآن فقال (لقد أنزلنا إليكم) يا معشر قريش (كتابا فيه ذكركم) أي: فيه شرفكم إن تمسكتم به كقوله: (وإنه لذكر لك ولقومك). وقيل: هو خطاب للعرب، لأنه أنزل القرآن بلغتهم. وقيل: هو خطاب لجميع المؤمنين، لأن فيه شرفا للمؤمنين كلهم. وقيل: إن معناه فيه ذكر ما تحتاجون إليه من أمر دينكم ودنياكم، عن الحسن. وقيل: فيه ذكر مكارم الأخلاق، ومحاسن الأفعال، لتتمسكوا بها.
(أفلا تعقلون) ما فضلتم به على غيركم. وقيل: معناه أفلا تتدبرون فتعلمون أن الأمر على ما قلناه. (وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين [11] فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون [12] لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون [13] قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين [14] فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين [15] وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين [16] لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين [17] بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون [18]