حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتموه ".
على أن جماعة من الإمامية تأولوا ما ورد من الأخبار في الرجعة على رجوع الدولة، والأمر والنهي، دون رجوع الأشخاص، وإحياء الأموات. وأولوا الأخبار الواردة في ذلك، لما ظنوا أن الرجعة تنافي التكليف، وليس كذلك، لأنه ليس فيها ما يلجئ إلى فعل الواجب، والامتناع من القبيح. والتكليف يصح معها، كما يصح مع ظهور المعجزات الباهرة، والآيات القاهرة، كفلق البحر، وقلب العصا ثعبانا، وما أشبه ذلك. ولأن الرجعة لم تثبت بظواهر الأخبار المنقولة، فيتطرق التأويل عليها، وإنما المعول في ذلك على إجماع الشيعة الإمامية، وإن كانت الأخبار تعضده وتؤيده. ومن قال إن قوله (ويوم يحشر من كل أمة فوجا) المراد به يوم القيامة، قال: المراد بالفوج الجماعة من الرؤساء، والمتبوعين في الكفر، حشروا وجمعوا لإقامة الحجة عليهم.
(حتى إذا جاؤوا) إلى موقف الحساب (قال) الله تعالى لهم (أكذبتم بآياتي) أي: كذبتم بأنبيائي ودلالاتي الدالة على ديني (ولم تحيطوا بها علما) أي: لم تطلبوا معرفتها، ولم تبينوا ما أوجب الله عليكم فيها (أماذا كنتم تعملون) حين لم تبحثوا عنها ولم تتفكروا في صحتها يقول ذلك، تبكيتا لهم وتجهيلا، أي: هذا كان الواجب عليكم فتركتموها، ولم تعرفوها حق معرفتها، فبماذا اشتغلتم؟ ومن قال بالأول قال: المراد بالآيات الأئمة الطاهرون عليهم السلام. (ووقع القول عليهم) أي:
وجب العذاب عليهم (بما ظلموا) أي: بظلمهم إذ صاروا بحيث لا يفلح جحد منهم بسببهم (فهم لا ينطقون) إذ ذاك بكلام ينتفعون به. ويجوز أن يكون المراد: أنهم لا ينطقون أصلا، لعظم ما يشاهدونه، وهول ما يرونه.
* (ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون [86] ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين [87] وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شئ إنه خبير بما تفعلون [88] من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون [89] ومن جاء بالسيئة فكبت