هذا دلالة على أن الأجسام تفنى، ثم تعاد، فإن ذلك يبقي ثوابه، عن عطا، وابن عباس، وعن أبي العالية، والكلبي، وهو اختيار الفراء، وأنشد:
أستغفر الله ذنبا لست محصيه * رب العباد إليه الوجه والعمل أي: إليه أوجه العمل. وعلى هذا يكون وجه الله ما وجه إليه من الأعمال.
(له الحكم) أي: له القضاء النافذ في خلقه. وقيل: له الفصل بين الخلائق في الآخرة دون غيره (وإليه ترجعون) أي: تردون في الآخرة، فيجازيكم بأعمالكم.
النظم: اتصل قوله (تلك الدار الآخرة) الآية. بما قبله على معني أنه سبحانه كما حرم نعم الدنيا عليهم بالهلاك، كذلك يحرم عليهم نعم الآخرة. وأما وجه اتصال قوله (إن الذي فرض عليك القرآن) الآية بما قبله، فقد ذكر فيه من حمل المعاد على البعث أنه اتصل بقوله (تلك الدار الآخرة). ومن حمله على العود إلى مكة قال: إنه لما بين سبحانه وعده لأم موسى رد موسى عليها، مع شرف النبوة، كذلك وعده ربه العودة إلى مكة، مع الشرف العظيم. وقد أنجز وعده، كما أنجز وعده هناك. ويكون معنى الكلام: إن الذي أنزل القران بذلك الوعد، سينجز هذا الوعد. واتصل قوله (قل ربي أعلم من جاء بالهدى) على معنى أنه أمره بأن يقول لهم: ربي أعلم بالصادق والكاذب، لا يلتبس عليه شئ.
[تم الجزء السابع من مجمع البيان في تفسير القرآن]