أيجوز ذلك؟ قال. إن موسى علم أنه سيتم له شرطه. قيل: كيف؟ قال: علم أنه سيبقى حتى يفي.
(قال) موسى (ذلك بيني وبينك) أي: ذلك الذي وصفت وشرطت علي فلك وما شرطت لي، من تزويج إحداهما، فلي. وتم الكلام، ثم قال: (أيما الأجلين) من الثماني والعشر (قضيت) أي: أتممت وفرغت منه (فلا عدوان علي) أي: لا ظلم علي بأن أكلف أكثر منها، وأطالب بالزيادة عليهما (والله على ما نقول وكيل) أي: شهيد فيما بيني وبينك، عن ابن عباس. (فلما قضى موسى الأجل) أي: أوفاهما.
روى الواحدي بالإسناد عن ابن عباس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أي الأجلين قضى موسى؟ قال: " أوفاهما وأبطأهما ". وبالإسناد عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إذا سئلت أي الأجلين قضى موسى؟ فقل: خيرهما وأبرهما.
وإن سئلت: أي المرأتين تزوج؟ فقل: الصغرى منهما، وهي التي جاءت، فقالت: (يا أبت استأجره).
وقال وهب: تزوج الكبرى منهما. وفي الكلام حذف وإيجاز وهو: فلما قضى موسى الأجل، وتسلم زوجته، ثم توجه نحو الشام. (وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا). وقيل: إنه لما زوجها منه، أمر الشيخ أن يعطى موسى عصا يدفع السباع عن غنمه بها، فأعطي العصا، وقد ذكرنا حديث العصا في سورة الأعراف.
وقيل: خرج آدم بالعصا من الجنة، فأخذها جبرائيل بعد موت آدم عليه السلام، وكانت معه حتى لقي بها موسى ليلا، فدفعها إليه، عن عكرمة. وقيل: لم يزل الأنبياء يتوارثونها حتى وصلت إلى شعيب، فأعطاها موسى، وكانت عصا الأنبياء عنده.
وروى عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كانت عصا موسى قضيب آس من الجنة، أتاه به جبرائيل عليه السلام، لما توجه تلقاء مدين. وقال السدي: كانت تلك العصا استودعها شعيبا ملك في صورة رجل، فأمر ابنته أن تأتيه بعصا، فدخلت وأخذت العصا، فأتته بها. فلما رآها الشيخ قال: لا آتيه بغيرها.
فألقتها وأرادت أن تأخذ غيرها، فكانت لا تقع في يدها إلا هي. فعلت ذلك مرارا، فأعطاها موسى. وقوله (وسار بأهله) قيل: إنه مكث بعد انقضاء الأجل عند صهره عشرا أخرى، فأقام عنده عشرين سنة، ثم استأذنه في العود إلى مصر، ليزور والديه