استماع لعب واستهزاء. وقال ابن عباس: معناه يستمعون القرآن مستهزئين، غافلة قلوبهم عما يراد بهم. (وأسروا النجوى) أي: تناجوا فيما بينهم يعني المشركين.
ثم بين من هم فقال (الذين ظلموا) أي. أشركوا بالله. ثم بين سبحانه سرهم الذي تناجوا به فقال: (هل هذا إلا بشر مثلكم) أي: إنه آدمي مثلكم ليس مثل الملائكة (أفتأتون السحر وأنتم تبصرون) أي: أفتقبلون السحر وأنتم تعلمون أنه سحر.
نفروا الناس عنه بشيئين أحدهما. إنه بشر. والآخر: إن ما أتى به سحر. وقيل: إن أسروا معناه أظهروا هذا القول، فإن هذا اللفظ مشترك بين الإخفاء والإظهار، والأول أصح.
ثم أمر سبحانه نبيه فقال: (قل) يا محمد (ربي) الذي خلقني واصطفاني (يعلم القول في السماء والأرض) أي: يعلم أسرار المتناجين، لا يخفى عليه شئ من ذلك (وهو السميع) لأقوالهم (العليم) بأفعالهم وضمائرهم (بل قالوا أضغاث أحلام) بل للإضراب عما حكى سبحانه أنهم قالوه أولا، وللاخبار عما قالوه ثانيا أي قالوا: إن القرآن تخاليط أحلام رآها في المنام، عن قتادة. (بل افتراه) أي: ثم قالوا لا بل افتراه أي: تخرصه وافتعله (بل هو شاعر) أي: ثم قالوا بل هو شاعر.
وهذا قول المتحير الذي بهره ما سمع، فمرة يقول سحر، ومرة يقول شعر، ومرة يقول حلم، ولا يجزم على أمر واحد. وهذه مناقضة ظاهرة.
(فليأتنا بآية كما أرسل الأولون) معناه: فليأتنا بآية ظاهرة يستدركها الخاص والعام، كما أتى بها الأولون من الأنبياء. قال ابن عباس: بآية مثل الناقة والعصا.
وقال الزجاج: اقترحوا بالآيات التي لا يكون معها إمهال. وفي قوله سبحانه (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث) دلالة ظاهرة على أن القرآن محدث، لأنه تعالى أراد بالذكر القرآن بدلالة قوله: (وهذا ذكر مبارك أنزلناه)، وقوله (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وقد وصفه بأنه محدث، ويوضحه قوله (إلا استمعوه).
(ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون [6] وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون [7] وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين [8] ثم صدقناهم الوعد