قال نفطويه: أي سلني عنه فإنك تسأل بسؤالك (1) خبيرا.
(وإذا قيل لهم) أي: لهؤلاء المشركين (اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن) أي وأي شئ الرحمن، والمعنى: إنا لا نعرف الرحمن. قال الزجاج: الرحمن اسم من أسماء الله عز اسمه، مذكور في الكتب الأولى، ولم يكونوا يعرفونه من أسماء الله، فقيل لهم: إنه من أسماء الله ومعناه عند أهل اللغة: ذو الرحمة التي لا غاية بعدها في الرحمة، لأن فعلان من أبنية المبالغة، تقول: رجل ريان وعطشان في النهاية من الري والعطش، وفرحان وجذلان: إذا كان في النهاية من الفرح والجذل.
(أنسجد لما تأمرنا) مر تفسيره (وزادهم نفورا) أي: زادهم ذكر الرحمن تباعدا من الإيمان، عن مقاتل. والمعنى أنهم ازدادوا عند ذلك نفورا عن الحق وقبول قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
النظم: وجه اتصال الآية بما قبلها: أن فيها إخبارا أنه سبحانه أفرده بالإرسال مراعاة لحسن التدبير في تمييزه بالإكرام والإجلال، لعلمه بما فيه من الخلال الموجبة في الحكمة إرساله إلى الخلق على غاية الكمال. فعلى هذا يتعلق بقوله: (ولقد صرفناه بينهم ليذكروا). ثم ذكر من التصريف للآيات بقوله (وهو الذي مرج البحرين) ما يدل على وحدانيته، وكمال قدرته. ثم عجب سبحانه من إعراضهم عن الآيات، مع وضوحها وظهورها، ومقابلتهم لنعمه بالكفران بقوله: (ويعبدون من دون الله) الآية. ثم بين أنه أراد بتصريف الآيات الخير والإحسان بقوله: (وما أرسلناك) الآية. ثم بين أنه لا يسألهم عليه أجرا لئلا ينفروا عنه. ثم بين سبحانه أنه كما لا يسألهم أجرا، إنه يتوكل عليه في أمره، ويفوض إليه علم المصالح فيما كلفه. ثم هدد سبحانه عباده بقوله: (وكفى به بذنوب عباده خبيرا) فإنه إذا لم يذهب عليه ذنوبهم، لا يذهب عليه جزاؤهم.
* (تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا [61] وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا [62] وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون .