من فضول الحوض، عن ابن عباس وقتادة.
(وأبونا شيخ كبير) لا يقدر على أن يتولى السقي بنفسه من الكبر، ولذلك احتجنا، ونحن نساء، أن نسقي الغنم. وإنما قالتا ذلك تعريضا للطلب من موسى أن يعينهما على السقي. وقيل: إنما قالتا ذلك اعتذارا إلى موسى في الخروج بغير محرم. (فسقى لهما) معناه: فسقى موسى غنمهما الماء لأجلهما، وهو أنه زحم القوم عن الماء، حتى أخرجهم عنه، ثم سقى لهما، عن ابن إسحاق. وقيل: رفع لأجلهما حجرا عن بئر، كان لا يقدر على رفع ذلك الحجر عنها إلا عشرة رجال، وسألهم أن يعطوه دلوا، فناولوه دلوا، وقالوا له: انزح إن أمكنك. وكان لا ينزحها إلا عشرة، فنزحها وحده، وسقى أغنامهما، ولم يستق إلا ذنوبا (1) واحدا، حتى رويت الغنم.
(ثم تولى إلى الظل) أي: ثم انصرف إلى ظل سمرة، فجلس تحتها من شدة الحر، وهو جائع. (فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير) قال ابن عباس:
سأل نبي الله فلق خبز يقيم به صلبه. وقال أمير المؤمنين، عليه أفضل الصلوات:
والله ما سأله إلا خبزا يأكله، لأنه كان يأكل بقلة الأرض. لقد كانت خضرة البقلة ترى من شفيف صفاق بطنه، لهزاله، وتشذب لحمه. قال الأخفش: يقال فقير إليه، وفقير له. قال ابن إسحاق: فرجعتا إلى أبيهما في ساعة كانتا لا ترجعان فيها، فأنكر شأنهما، وسألهما، فأخبرتاه الخبر، فقال لإحداهما: علي به. فرجعت الكبرى إلى موسى لتدعوه.
فذلك قوله (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء) أي: مستحيية معرضة على عادة النساء الخفرات. وقيل: أراد باستحيائها أنها غطت وجهها بكم درعها، عن عمر بن الخطاب. وقيل: هو بعدها من النداء، عن الحسن، قال: فوالله ما كانت ولاجة، ولا خراجة، ولكنها كانت من الخفرات اللاتي لا يحسن المشي بين أيدي الرجال، والكلام معهم. وقيل: أراد أنها كانت تمشي عادلة عن الطريق. (قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا) أي: ليكافئك على سقيك لغنمنا، وأكثر المفسرين على أن أباها شعيب عليه السلام. وقال وهب، وسعيد بن جبير: هو يثرون ابن .