يسجدون لله تعالى، وانقطع ذكر الساجدين، ثم ابتدأ فقال: (وكثير حق عليه العذاب) أي: ممن أبى السجود، ولا يوحده سبحانه. قال الفراء: قوله (وكثير حق عليه العذاب) يدل على أن المعنى: وكثير أبى السجود، لأنه لا يحق عليه العذاب إلا بتركه السجود. (ومن يهن الله فما له من مكرم) معناه: من يهنه الله بأن يشقيه ويدخله جهنم فما له من مكرم بالسعادة أي: بإدخاله الجنة، لأنه لا يملك العقوبة والمثوبة سواه (إن الله يفعل ما يشاء) من الإنعام والانتقام بالفريقين من المؤمنين والكافرين.
(هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم [19] يصهر به ما في بطونهم والجلود [20] ولهم مقامع من حديد [21] كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق [22] إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير [23] وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد [24]).
القراءة: قرأ أهل المدينة وعاصم: (ولؤلؤا) بالنصب، وفي سورة فاطر مثله.
والباقون بالجر في الموضعين إلا يعقوب، فإنه قرأ ههنا بالنصب، وفي فاطر بالجر. وترك أبو جعفر وأبو بكر وشجاع الهمزة الأولى منه في جميع القرآن. وفي الشواذ قراءة ابن عباس: (يحلون) بفتح الياء وتخفيف اللام.
الحجة: قال أبو علي: وجه الجر في (لؤلؤ) أنهم يحلون فيها من أساور من ذهب ومن لؤلؤ. ووجه النصب أنه على ويحلون لؤلؤا. ويجوز أن يكون عطفا على موضع الجار والمجرور لأن المعنى في يحلون فيها من أساور يحلون أساور. وقال ابن جني: يحلون من حلي يحلى يقال: لم أحل منه بطائل أي: لم أظفر. ويجوز أن يكون من قولهم امرأة حالية أي: ذات حلى.