أنهم إلى ربهم راجعون [60] أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون [61]).
القراءة: في الشواذ قراءة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعائشة وابن عباس وقتادة والأعمش:
(يأتون ما أتوا) مقصورا.
الحجة: معنى قوله (يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة): إنهم يعطون الشئ، ويشفقون أن لا يقبل منهم. ومعنى (يأتون ما أتوا): إنهم يعملون العمل، وهم يخافونه، ويخافون لقاء الله.
المعنى: ثم بين سبحانه حال الأخيار الأبرار بعد بيانه أحوال الكفار الفجار، فقال: (إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون) أي: من خشية عذاب ربهم خائفون، فيفعلون ما أمرهم به، وينتهون عما نهاهم عنه. والخشية: انزعاج النفس بتوهم المضرة (والذين هم بآيات ربهم يؤمنون) أي: بآيات الله، وحججه من القرآن، وغيرها، يصدقون (والذين هم بربهم لا يشركون) أي: لا يشركون بعبادة الله تعالى غيره من الأصنام والأوثان، لأن خصال الإيمان لا تتم إلا بترك الإشراك (والذين يؤتون ما آتوا) أي: يعطون ما أعطوا من الزكاة والصدقة. وقيل: أعمال البر كلها (وقلوبهم وجلة) أي: خائفة، عن قتادة. وقال الحسن: المؤمن جمع إحسانا وشفقة. والمنافق جمع إساءة وأمنا. وقال أبو عبد الله. معناه خائفة أن لا يقبل منهم. وفي رواية أخرى: يؤتي ما آتى وهو خائف راج. وقيل: إن في الكلام حذفا واضمارا وتأويله: قلوبهم وجلة أن لا يقبل منهم لعلمهم (أنهم إلى ربهم راجعون) أي: لأنهم يوقنون بأنهم يرجعون إلى الله تعالى، يخافون أن لا يقبل منهم. وإنما يخافون ذلك لأنهم لا يأمنون التفريط.
(أولئك يسارعون في الخيرات) معناه. الذين جمعوا هذه الصفات، وكملت فيهم، هم الذين يبادرون إلى الطاعات، ويسابقون إليها، رغبة منهم فيها، وعلما بما ينالون بها من حسن الجزاء (وهم لها سابقون) أي: وهم لأجل تلك الخيرات سابقون إلى الجنة. وقيل: معناه وهم إليها سابقون. وقال الكلبي: سبقوا الأمم إلى الخيرات. قال أبن عباس: يسابقون فيها أمثالهم من أهل البر والتقوى.
(ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون [62] بل