على الأنبياء، وتركوه (وكانوا قوما بورا) أي: هلكى فاسدين. هذا تمام الحكاية عن قول المعبودين من دون الله. فيقول الله سبحانه عند تبرؤ المعبودين من عبدتهم:
(فقد كذبوكم) أي: كذبكم المعبودون أيها المشركون (بما تقولون) أي: بقولكم إنهم آلهة شركاء لله. ومن قرأ بالياء فالمعنى: فقد كذبوكم بقولهم (سبحانك ما كان ينبغي لنا) الآية.
(فما يستطيعون صرفا) أي: فما يستطيع المعبودون صرف العذاب عنكم.
(ولا نصرا) لكم بدفع العذاب عنكم. ومن قرأ بالتاء فالمعنى: فما تستطيعون أيها المتخذون الشركاء صرف العذاب عن أنفسكم، ولا أن تنصروا أنفسكم بمنعها من العذاب. (ومن يظلم منكم) نفسه بالشرك، وارتكاب المعاصي (نذقه) في الآخرة (عذابا كبيرا) أي: شديدا عظيما. ثم رجع سبحانه إلى مخاطبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (وما أرسلنا قبلك) يا محمد (من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق) قال الزجاج: وهذا احتجاج عليهم في قوله (ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق) أي: فقل لهم كذلك كان من خلا من الرسل، فكيف يكون محمد بدعا منهم.
(وجعلنا بعضكم لبعض فتنة) أي: امتحانا وابتلاء، وهو افتتان الفقير بالغني، يقول: لو شاء الله لجعلني مثله غنيا، والأعمى بالبصير، يقول: لو شاء الله لجعلني مثله بصيرا، وكذلك السقيم بالصحيح، عن الحسن. وقيل: هو ابتلاء فقراء المؤمنين بالمستهزئين من قريش، كانوا يقولون: انظروا إلى هؤلاء الذين اتبعوا محمدا من موالينا ورذالنا. فقال الله لهؤلاء الفقراء: (أتصبرون) أيها الفقراء على الأذى والاستهزاء. (وكان ربك بصيرا) إن: صبرتم فاصبروا. فأنزل الله فيهم (إني جزيتهم اليوم بما صبروا) عن مقاتل. وقيل: معناه: أتصبرون أيها الفقراء على فقركم، ولا تفعلون ما يؤدي إلى مخالفتنا. أتصبرون أيها الأغنياء فتشكرون، ولا تفعلون ما يؤدي إلى مخالفتنا. (وكان ربك بصيرا) أي: عليما فيغني من أوجبت الحكمة إغناءه، ويفقر من أوجبت الحكمة إفقاره. وقيل: بصيرا بمن يصبر، وبمن يجزع، عن ابن جريج.
* (وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا