وإحسانه إليكم، أن جعل لكم الليل والنهار، (لتسكنوا فيه) أي في الليل.
(ولتبتغوا من فضله) أي في النهار (ولعلكم تشكرون) نعم الله في تصريف الليل والنهار، وفي سائر أنواع النعم. (ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون) مضى تفسيره. فإنما كرر النداء للمشركين (بأين شركائي) تقريعا لهم، بعد تقريع. وقيل: لأن النداء الأول لتقرير إقرارهم على أنفسهم بالغي الذي كانوا عليه، ودعوا إليه. والثاني للتعجيز عن إقامة البرهان على ما طلبوا به بحضرة الأشهاد.
(ونزعنا من كل أمة شهيدا) أي: وأخرجنا من كل أمة من الأمم رسولها الذي يشهد عليهم بالتبليغ، وبما كان منهم، عن مجاهد وقتادة. وقيل: هم عدول الآخرة، ولا يخلو كل زمان منهم يشهدون على الناس بما عملوا (فقلنا هاتوا برهانكم) أي: حججكم على صحة ما ذهبتم إليه (فعلموا أن الحق لله) أي:
فبهتوا وتحيروا لما لم يكن لهم حجة يقيمونها، وعلموا يقينا أن الحق ما أنتم عليه، وما أنزله الله، وأن الحجة لله ولرسوله، فلزمتهم الحجة لأن المشهود عليه إذا لم يأت بمخلص من بينة الخصم، توجهت القضية عليه، ولزمه الحكم. (وضل عنهم) أي: ذهب عنهم (ما كانوا يفترون) من الكذب، وبطل ما عبدوه من دون الله تعالى.
النظم: إنما اتصلت هذه الآيات بما قبلها: بأنه جرى ذكر معبودي الكفار، وأنهم لم يغنوا من الله شيئا، فعقبه سبحانه بأن وصف نفسه بأنه المنعم المالك للنفع والضر. وقيل: لما تقدم أن الحمد لله سبحانه في الدارين، ذكر عقيبه ما يوجب الحمد من النعم السابقة. وقيل: يتصل بقوله (يخلق ما يشاء ويختار) أي: ويختار لعباده ما هو الأصلح لهم والأنفع.
* (* إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين [76] وابتغ في ما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب