وأخاه. فأذن له، فسار بأهله، عن مجاهد. وقيل إنه لما قضى العشر، سار بأهله أي: بامرأته وبأولاد الغنم التي كانت له، وكانت قطيعا، فأخذ على غير الطريق، مخافة ملوك الشام، وامرأته في شهرها. فسار في البرية غير عارف بالطريق، فألجأه المسير إلى جانب الطور الأيمن، في ليلة مظلمة شديدة البرد، وأخذ امرأته الطلق، وضل الطريق، وتفرقت ماشيته، فأصابه المطر، فبقي لا يدري أين يتوجه. فبينا هو كذلك، آنس من جانب الطور نارا.
وروى أبو بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما قضى موسى الأجل، وسار بأهله نحو بيت المقدس، أخطأ الطريق ليلا، فرأى نارا (قال لأهله امكثوا إني آنست نارا) وقد مر تفسيره (لعلي آتيكم منها بخبر) أي: بخبر من الطريق الذي أريد قصده، وهل أنا على صوبه أو منحرف عنه. وقيل: بخبر من النار هل هي لخبر نأنس به، أو لشر نحذره. (أو جذوة من النار) أي: قطعة من النار. وقيل: بأصل شجرة فيها نار (لعلكم تصطلون) أي: تستدفئون بها (فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن) أي: نودي موسى من الجانب الأيمن للوادي (في البقعة المباركة) وهي البقعة التي قال الله تعالى فيها لموسى (إخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى). وإنما كانت مباركة، لأنها معدن الوحي والرسالة، وكلام الله تعالى.
وقيل: مباركة لكثرة الأشجار والأثمار، والخير والنعم بها والأول أصح.
(من الشجرة): إنما سمع موسى النداء والكلام من الشجرة، لأن الله تعالى فعل الكلام فيها، وجعل الشجرة محل الكلام، لأن الكلام عرض، يحتاج إلى محل. وعلم موسى بالمعجز أن ذلك كلامه تعالى، وهذه أعلى منازل الأنبياء، أعني: أن يسمعوا كلام الله من غير واسطة ومبلغ. وكان كلامه سبحانه: (أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين) أي: إن المكلم لك هو الله مالك العالمين، وخالق الخلائق أجمعين، تعالى وتقدس عن أن يحل في محل، أو يكون في مكان، لأنه ليس بعرض، ولا جسم.
* (وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين [31] اسلك يدك في جيبك تخرج