أي: عن بعد، عن مجاهد. وقيل: عن جانب تنظر إليه كأنها لا تريده، عن قتادة.
وتقديره: عن مكان جنب.
(وهم لا يشعرون) أي: وآل فرعون لا يشعرون أنها أخته، عن قتادة.
وقيل: معناه وهم لا يشعرون أنها جاءت متعرفة عن خبره. ويمكن أن يكون سبحانه كرر هذا القول، تنبيها على أن فرعون لو كان إلها لكان يشعر بهذه الأمور (وحرمنا عليه المراضع) المعنى أنه لا يؤتى بمرضع فيقبلها، وتأويله: منعناهن منه، وبغضناهن إليه، عن ابن عباس. وقيل: هو جمع مرضع، بمعنى الرضاع أي:
منعناه من الرضاع. فهذا تحريم منع، لا إن هناك نهيا عن الفعل، ومثله قول امرئ القيس:
جالت لتصرعني، فقلت لها: اقصري، * إني امرؤ صرعي عليك حرام (1) أي: صرعي ممتنع عليك، فإني فارس أمنعك من ذلك. ويقال: فلان حرم على نفسه كذا أي: امتنع منه كما يمتنع بالنهي (من قبل) أي: من قبل مجئ أخته. وقيل: من قبل رده على أمه. (فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم) وهذا يدل على أن الله تعالى ألقى محبته في قلب فرعون، فلشدة محبته، وغاية شفقته عليه، طلب له المراضع. وكان موسى لا يقبل ثدي واحدة منهن، بعد أن أتته مرضع بعد مرضع. فلما رأت أخته وجدهم به، وحبهم له، ورقتهم عليه، قالت لهم: هل أدلكم على أهل بيت يقبلون هذا الولد، ويبذلون النصح في أمره، ويحسنون تربيته، ويضمنون لكم القيام بأمره. (وهم له ناصحون) يشفقون عليه وينصحونه. وقيل: إنه لما قالت أخته ذلك، قال هامان: إن هذه المرأة تعرف أن هذا الولد من أي أهل بيت هو. فقالت هي: إنما عنيت أنهم ناصحون للملك.
فأمسكوا عنها.
(فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن) يعني عين أمه. وانطلقت أخت موسى إلى أمها، فجاءت بها إليهم. فلما وجد موسى ريح أمه قبل ثديها، وسكن بكاؤه. وقيل: إن فرعون قال لأمه: كيف ارتضع منك، ولم يرتضع من غيرك؟
فقالت: لأني امرأة طيبة الريح طيبة اللبن، لا أكاد أؤتى بصبي إلا ارتضع مني. فسر .