وجدوا نعته في التوراة. وقيل: معناه من قبل القرآن، وهم بالقرآن يصدقون.
والمراد بالكتاب: التوراة والإنجيل، يعني الذين أوتوا الكتاب.
(وإذا يتلى) القرآن (عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله) أي: من قبل نزوله (مسلمين) به. وذلك أن ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن، كان مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل، فهؤلاء لم يعاندوا. ثم أثنى الله سبحانه عليهم فقال:
(أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا) مرة بتمسكهم بدينهم حتى أدركوا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم فآمنوا به، ومرة بإيمانهم به. وقيل: بما صبروا على الكتاب الأول، وعلى الكتاب الثاني، وإيمانهم بما فيهما، عن قتادة. وقيل: بما صبروا على دينهم، وعلى أذى الكفار وتحمل المشاق.
(ويدرؤون بالحسنة السيئة) أي: يدفعون بالحسن من الكلام، الكلام القبيح الذي يسمعونه من الكفار. وقيل: يدفعون بالمعروف المنكر، عن سعيد بن جبير.
وقيل: يدفعون بالحلم جهل الجاهل، عن يحيى بن سلام، ومعناه: يدفعون بالمداراة مع الناس أذاهم عن أنفسهم. وروي مثل ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام.
(ومما رزقناهم ينفقون) مر معناه، (وإذا سمعوا اللغو) أي: السفه من الناس، والقبيح من القول، والهزء الذي لا فائدة فيه. (أعرضوا عنه) ولم يقابلوه بمثله (وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم) أي: لا نسأل نحن عن أعمالكم، ولا تسألون عن أعمالنا، بل كل منا يجازى على عمله. وقيل: معناه لنا ديننا ولكم دينكم.
وقيل: لنا حلمنا، ولكم سفهكم.
(سلام عليكم) أي: أمان منا لكم أن نقابل لغوكم بمثله. وقيل: هي كلمة حلم، واحتمال بين المؤمنين والكافرين. وقيل: هي كلمة تحية بين المؤمنين، عن الحسن. (لا نبتغي الجاهلين) أي: لا نطلب مجالستهم ومعاونتهم، وإنما نبتغي الحكماء والعلماء. وقيل: معناه لا نريد أن نكون من أهل الجهل والسفه، عن مقاتل. وفيل: لا نبتغي دين الجاهلين، ولا نحبه، عن الكلبي.
* (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين [56] وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أو لم نمكن