وقيل: معناه من جحد تلك النعمة بعد إنعام الله تعالى بها، فأولئك هم العاصون لله، عن ابن عباس.
واختلف في الآية فقيل: إنها واردة في أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقيل: هي عامة في أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم عن ابن عباس، ومجاهد. والمروي عن أهل البيت عليه السلام: أنها في المهدي من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وروى العياشي بإسناده عن علي بن الحسين عليه السلام أنه قرأ الآية، وقال: هم والله شيعتنا أهل البيت. يفعل الله ذلك بهم على يدي رجل منا، وهو مهدي هذه الأمة، وهو الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم، حتى يلي رجل من عترتي، اسمه اسمي، يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ". وروي مثل ذلك عن أبي جعفر عليه السلام، وأبي عبد الله عليه السلام. فعلى هذا يكون المراد ب (الذين آمنوا وعملوا الصالحات): النبي وأهل بيته، صلوات الرحمن عليهم.
وتضمنت الآية البشارة لهم بالاستخلاف، والتمكن في البلاد، وارتفاع الخوف عنهم عند قيام المهدي عليه السلام منهم. ويكون المراد بقوله (كما استخلف الذين من قبلهم) هو أن جعل الصالح للخلاف خليفة مثل آدم، وداود، وسليمان عليه السلام. ويدل على ذلك قوله: (إني جاعل في الأرض خليفة)، و (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض)، وقوله (فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناه ملكا عظيما). وعلى هذا إجماع العترة الطاهرة، وإجماعهم حجة، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ". وأيضا فإن التمكين في الأرض على الإطلاق، لم يتفق فيما مضى، فهو منتظر لأن الله عز اسمه، لا يخلف وعده.
(وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون [56] لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض ومأواهم النار ولبئس المصير [57]). القراءة: قرأ ابن عامر، وحمزة: (لا يحسبن) بالياء. والباقون بالتاء.
الحجة. قال أبو علي: من قرأ بالياء جاز أن يكون فاعله أحد شيئين: إما أن يكون تضمن ضميرا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أي: لا يحسبن النبي الذين كفروا معجزين.
فالذين في موضع نصب بأنه المفعول الأول. ومعجزين المفعول الثاني. ويجوز أن