(وهو الذي جعل لكم الليل لباسا) أي: غطاء ساترا للأشياء بالظلام، كاللباس الذي يشتمل على لابسه. فالله سبحانه ألبسنا الليل، وغشانا به، لنسكن ونستريح من كد الأعمال، كما قال في موضع آخر (لتسكنوا فيه). (والنوم سباتا) أي: راحة لأبدانكم، وقطعا لأعمالكم. قال الزجاج: السبات أن ينقطع عن الحركة، والروح في بدنه. (وجعل النهار نشورا) لانتشار الروح باليقظة فيه، مأخوذ من نشور البعث. وقيل: لأن الناس ينتشرون فيه لطلب حوائجهم ومعايشهم، فيكون النشور هنا بمعنى التفرق لابتغاء الرزق، عن ابن عباس.
(وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته " مضى الكلام فيه في سورة الأعراف. (وأنزلنا من السماء ماء طهورا) أي: طاهرا في نفسه ومطهرا لغيره، مزيلا للأحداث والنجاسات. (لنحيي به بلدة ميتا) قد مات بالجدب، وأراد بالبلدة. البلد، أو المكان. فلذلك قال (ميتا) بالتذكير، والمعنى: لنحيي بالمطر بلدة ليس فيها نبت. قال ابن عباس: لنخرج به النبات والثمار (ونسقيه مما خلقنا أنعاما) أي: ولنسقي من ذلك الماء أنعاما جمة، أو نجعله سقيا لأنعام (وأناسي كثيرا) أي: أناسا كثيرة.
(ولقد صرفناه) أي: صرفنا المطر (بينهم)، يدور في جهات الأرض.
وقيل: قسمناه بينهم يعني المطر، فلا يدوم على مكان فيهلك، ولا ينقطع عن مكان فيهلك. ويزيد لقوم، وينقص لآخرين على حسب المصلحة. (ليذكروا) أي:
ليتفكروا ويستدلوا به على سعة مقدورنا، ولأنه لا يستحق العبادة غيرنا (فأبى أكثر الناس إلا كفورا) أي: جحودا لما عددناه من النعم وإنكارا، فيقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا، عن عكرمة. وقيل: فأبوا إلا كفورا بالبعث والنشور.
* (ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا [51] فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا [52] وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا [53] وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا [54] ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا [55] وما أرسلناك إلا