كما أنهم استهزؤوا بك مع أنا أنزلنا إليك الكتاب، فكذلك قد أنزلنا على موسى وهارون الكتاب، فكذبوهما، واستهزؤوا بهما.
(ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين [51] إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون [52] قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين [53] قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين [54] قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين [55] قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين [56] وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين [57] فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون [58] قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين [59] قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم [60]).
القراءة: قرأ الكسائي: (جذاذا) بكسر الجيم. والباقون بضمها. وفي الشواذ قراءة ابن عباس وأبي السماك بفتح الجيم.
الحجة: قال أبو حاتم فيه لغات جذاذا وجذاذا، وأجودها الضم كالحطام والرفات من جذذت الشئ: إذا قطعته. قال النابغة:
تجذ السلوقي المضاعف نسجه، * ويوقدن بالصفاح نار الحباحب (1) وقال جرير:
بنو المهلب جذ الله دابرهم، * أمسوا رمادا فلا أصل، ولا طرف المعنى: ثم عطف سبحانه على ما تقدم من قصة موسى وهارون، بقصة إبراهيم عليه السلام فقال: (ولقد آتينا) أي: أعطينا (إبراهيم رشده) يعني الحجج التي توصله إلى الرشد من معرفة الله وتوحيده. وقيل: معناه هداه أي: هديناه صغيرا،