إن محل الهدي والبدن الكعبة. وقيل: محله الحرم كله. وقال أصحابنا: إن كان الهدي للحج فمحله منى، وإن كان للعمرة المفردة فمحله مكة قبالة الكعبة بالجزورة، ومحلها حيث يحل نحرها. ومن قال: إن الشعائر مناسك الحج قال:
معناه ثم محل الحج والعمرة والطواف بالبيت العتيق، وإن منتهاها إلى البيت العتيق، لأن التحلل يقع بالطواف، والطواف يختص بالبيت. ومن قال: إن الشعائر هي الدين كله، فيحتمل أن يكون معناه: إن محل ما أختص منها بالإحرام هو البيت العتيق، وذلك الحج والعمرة في القصد له، والصلاة في التوجه إليه. ويحتمل أن يكون معناه: إن أجرها على رب البيت العتيق.
(ولكل أمة جعلنا منسكا) أي: لكل جماعة مؤمنة من الذين سلفوا، جعلنا عبادة في الذبح، عن مجاهد. وقيل: قربانا أحل لهم ذبحه. وقيل: متعبدا وموضع نسك يقصده الناس. وقيل: منهاجا وشريعة، عن الحسن (ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) أي: تعبدناهم بذلك ليذكروا اسم الله على ما رزقناهم من بهيمة الأنعام، وبهيمة غير الأنعام لا يحل ذبحها، ولا التقرب بها. وفي هذا دلالة على أن الذبائح غير مختصة بهذه الأمة، وأن التسمية على الذبح كانت مشروعة قبلنا (فإلهكم إله واحد) أي: معبودكم الذي توجهون إليه العبادة واحد، لا شريك له.
والمعنى: فلا تذكروا على ذبائحكم إلا الله وحده (فله أسلموا) أي. انقادوا وأطيعوا.
(وبشر المخبتين) أي: المتواضعين المطمئنين إلى الله، عن مجاهد.
وقيل: الذين لا يظلمون، وإذا ظلموا لا ينتصرون، كأنهم اطمأنوا إلى يوم الجزاء.
ثم وصفهم فقال: (الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) أي: إذا خوفوا بالله خافوا (والصابرين على ما أصابهم) من البلايا والمصائب في طاعة الله (والمقيمي الصلاة) في أوقاتها يؤدونها كما أمرهم الله (ومما رزقناهم ينفقون) أي يتصدقون من الواجب وغيره، عن ابن عباس. (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون [36] لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى