من النار كيف تصرفت الحال لأنه لا يلزمهم الاتقاء على التصديق بالنبوة إلا بعد قيام المعجزة فكأنه قال: فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فقد قامت الحجة ووجب اتقاء النار بالمخالفة وقوله: (أعدت للكافرين) لا يمنع من اعدادها لغير الكافرين من الفساق كما قال: (وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) (1) ولم يمنع ذلك من إحاطتها بالفساق والزناة والزبانية وقال قوم: هذه نار مخصوصة للكافرين لا يدخلها غيرهم والفساق لهم نار أخرى وقد استدل بهذه على بطلان قول من حرم النظر والحجاج العقلي بان قيل: كما احتج الله تعالى على الكافرين بما ذكره في هذه الآية وألزمهم به تصديق النبي صلى الله عليه وآله والمعرفة بان القرآن كلامه لأنه قال: إن كان هذا القرآن كلام محمد فاتوا بسورة من مثله ودلهم بعقولهم أنه لو كان كلام محمد لتهيأ لهم مثل ذلك لأنهم الذين يؤخذ عنهم اللغة وإذا كان لم يتهيأ لهم ذلك علموا بعقولهم أنه من كلام الله وهذا هو معنى الاحتجاج بالعقول فيجب أن يكون ذلك صحيحا من كل واحد قوله تعالى:
وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون آية اللغة:
البشارة: هو الاخبار بما يسر المخبر به إذا كان سابقا لكل خبر سواه لان الثاني لا يسمى بشارة وقد قيل: إن الاخبار بما يغم أيضا يسمى بشارة كما قال تعالى: (فبشرهم بعذاب أليم) (2) والأولى أن يكون ذلك مجازا وهي مأخوذة