التبيان - الشيخ الطوسي - ج ١ - الصفحة ٤٠١
والوجه الثاني - انه خطاب للنبي صلى الله عليه وآله والمراد به أمته كما قال: " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء " (1) وقال جميل بن معمر:
ألا ان جيراني العشية رائح * دعتهم دواع من هوى ومنادح (2) وإنما يحسن ذلك، لان غرضه الخبر عن واحد فلذلك قال: رائح وقال أيضا:
خليلي فيما عشتما هل رأيتما * قتيلا بكى من حب قاتله قبلي (3) يريد قاتلته، فكنى بالمذكر بالمذكر عن المؤنث. قال الكميت:
إلى السراج المنير احمد لا * يعدلني رغبة ولا رهب (4) عنه إلى غيره ولو رفع الناس * إلي العيون وارتقبوا (5) وقيل أفرطت بل قصدت ولو * عنفني القائلون أو ثلبوا (6) لج بتفضيلك اللسان ولو * أكثر فيك الضجاج واللجب (7) أنت المصفى المحض المهذب في * النسبة إن نص قومك النسب (8) قالوا: إنما خرج كلامه على وجه الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله، وأراد به أهل بيته بدلالة قوله: ولو أكثر فيك الضجاج واللجب، لأنه لا أحد يوصف من المسلمين بتعنيف مادح النبي صلى الله عليه وآله ولا باكثار الضجاج واللجب في إطناب القول فيه، وإنما قال: " له ملك السماوات " ولم يقل ملك، لأنه أراد ملك السلطان والملكة

(1) سورة الطلاق: آية 2.
(2) لم نجده في ديوانه، منادح: البلاد الواسعة البعيدة.
(3) الأمالي 2: 74 والأغاني 1: 117 و 7: 140. في المخطوطة والمطبوعة " أو " بدل " هل ".
(4) الهاشميات 34 والحيوان للجاحظ 170 - 171.
(5) " عنه إلى غيره " متعلق بقوله: " لا يعدلني.. " في البيت قبله.
(6) أفرطت: جاوزت الحد. قصدت: عدلت بين الافراط والتقصير. الثلب: العيب والذم. في المخطوطة والمطبوعة " العالمون " بدل " القائلون ".
(7) فيك - هنا -: بسببك ومن اجلك. الضجاج: مصدر ضاجه - بتشديد الجيم - يضاجه مضاجة وضجاجا: المشاغبة مع الصياح. واللجب ارتفاع الأصوات واختلاطها طلبا للغلبة.
(8) هذب الشئ: نقاه من كل ما يعيب. نص الشئ: رفعه وأبانه. يعني أبان فضلهم على غيرهم.
(٤٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 ... » »»
الفهرست