الرجعة، لان ذلك معجزة ودلالة على نبوة نبي. وذلك لا يجوز إلا في زمن نبي غير صحيح، لان عندنا يجوز اظهار المعجزات على يد الأئمة والصالحين. وقد بيناه في الأصول. ومن ادعى قيام الحجة بان الخلق لا يردون إلى الدنيا: كما علمنا أن لا نبي بعد نبينا مقترح مبتدع، لما لا دليل على صحته، فانا لا نخالف في ذلك وقال البلخي: لا تجوز الرجعة مع الاعلام بها، لان فيها اغراء بالمعاصي من جهة الاتكال على التوبة في الكرة الثانية. قال الرماني: هذا ليس بصحيح من قبل انه لو كان فيها اغراء بالمعصية، لكان في إعلام التبقية إلى مدة إغراء بالمعصية. وقد أعلم الله تعالى نبيه وغيره إبليس: انه يبقيه إلى يوم يبعثون ولم يكن في ذلك إغراء بالمعصية وعندي ان الذي قاله البلخي ليس بصحيح، لان من يقول بالرجعة، لا يقطع على أن الناس كلهم يرجعون، فيكون، في ذلك اتكال على التوبة في الرجعة، فيصير اغراء. فلا أحد من المكلفين الا ويجوز ان لا يرجع. وان قطع على الرجعة في الجملة ويجوز ان لا يرجع، فكفى في باب الزجر. وأما قول الرماني: إن الله تعالى اعلم أقواما مدة مقامهم، فان ذلك لا يجوز الا فيمن هو معصوم يؤمن من جهة الخطأ كالأنبياء ومن يجري مجراهم في كونهم معصومين. فاما من ليس بمعصوم، فلا يجوز ذلك، لأنه يصير مغرى بالقبح واما تبقية إبليس مع اعلامه ان يستبقيه إلى يوم القيامة ففيه جوابان.
أحدهما - انه إنما وعده قطعا بالتبقية بشرط الا يفعل القبيح ومن فعل القبيح حق اخترته عقبه. ولا يكون مغرى:
والثاني - ان الله قد علم أنه لا يريد بهذا الاعلام فعلا قبيحا، وإلا لما كان يفعله، وفي ذلك اخراجه من باب الاغراء. وقد قيل: إن إبليس قد زال عنه التكليف. وإنما أمكنه الله من وسوسة الخلق تغليظا للتكليف، وزيادة في مشاقهم ويجري ذلك مجرى زيادة الشهوات انه يحسن فعلها إذا كان في خلقها تعريض للثواب الكثير الزائد.