ماؤها قد غطاه الطين، فنقيت حتى ظهر الماء وقيل: اخذ من قولهم: فلان تجاهر بالمعاصي: إذا كان لا يسرها وإنما فزعوا بسؤال اسلافهم الرؤية من حيث إنهم سلكوا طريقهم في المخالفة للنبي الذي لزمهم اتباعه والتصديق بجميع ما اتى به فجروا على عادة اسلافهم في ذلك الذين كانوا يسألون تارة ان يجعل لهم إلها غير الله ومرة يعبدون العجل من دون الله ومرة يقولون: " لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة " ومرة يقولون: " اذهب أنت وربك فقاتلا انا ههنا قاعدون " وقال الزجاج في هذه الآية دلالة على مشركي العرب الذين كانوا ينكرون البعث، لأهل الكتاب مع مخالفتهم الرسول يقرون بإذن الله أمات قوما في الدنيا، ثم أحياهم وعندنا ان نقل أهل الكتاب لمثل هذا ليس بحجة وإنما الحجة في اخبار الله على لسان نبيه وحده إذ كان كلما يخبر به فهو حق وصدق. واستدل البلخي بهذه الآية على أن الرؤية لا تجوز على الله تعالى. قال لأنها انكارهم أمرين ردهم على نبيهم، وتجويزهم الرؤية على ربهم وبين ذلك قوله تعالى: فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فدل ذلك على أن المراد إنكار الامرين وهذه الآية تدل على قوله:
" رب أرني انظر إليك " كان سؤالا لقومه، لأنه لا خلاف بين أهل التوراة ان موسى ما سأل الرؤية الا دفعة واحدة. وهي التي سألها لقومه وقوله:
" لن نؤمن لك " تعلق بما يخبرهم به من صفات الله عز وجل، لأنهم قالوا لن نؤمن لك بما تخبرنا به من صفاته وما يجوز عليه حتى نراه. وقيل: انه لما جاءهم بالألواح وفيها التوراة قالوا لن نؤمن بان هذا من عند الله حتى نراه جهرة ونرى على وزن نفعل واصله: نرأى قال الشاعر:
أرى عيني ما لم ترأياه كلانا * عالم بالترهات فجاء به على الأصل وقال آخر:
ألم تر ما لاقيت والدهر اعصر * ومن يتمل العيش يراى ويسمع وإنما دعاهم إلى أن قالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله شكهم، وحيرتم فيما دعاهم