وإذا حكم بين الرجلين يقال: حكم يحكم وإذا صار حكيما قيل: حكم يحكم وامر مستحكم إذا لم يكن فيه مطعن وفي الحديث في رأس كل عبد حكمة إذا هم بسيئة وشاء الله ان يقدعه بها قدعة يعني منعه والحكم في الانسان هي العلم الذي يمنع صاحبه من الجهل ومعنى قول الملائكة " سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا " يحتمل أمرين:
أحدهما - ما قدمنا وهو قول ابن عباس قال: " سبحانك " تنزيها لله من أن يكون أحد يعلم الغيب سواه والثاني - انهم أرادوا أن يخرجوا مخرج التعظيم لله فكأنهم قالوا: تنزيها لك عن القبائح فعلى هذا الوجه يحسن - وإن لم يعلقه بعلم الغيب كما علق في الأول - وفي الناس من استدل بهذه الآية على بطلان الاحكام في النجوم وهذا يمكن أن يكون دلالة على من يقول: إنها موجبات لا دلالات فأما من يقول: إنها دلالات على الاحكام نصبها الله فإنه يقول: نحن ما علمنا إلا ما علمنا الله، إنه الذي جعل النجوم أدلة لنا كما أن ما علمناه استدلال غير ضرورة مضاف إليه أيضا من حيث نصب الدلالة عليه واستدل جماعة من المفسرين بهذه الآية، والآيتين قبلها على صدق النبي صلى الله عليه وآله وجعلوها من جملة معجزاته إذ كان إخبارا بما لا تعلمه العرب ولا يوصل إليه إلا بقراءة الكتب والنبي (عليه السلام) لم يعرف بشئ من ذلك مع العلم بمنشئه ومبتدء أمره ومنتهاه وهذا يمكن أن يذكر على وجه التأكيد والتقوية، لآياته ومعجزاته من غير أن يكون لو انفرد لكفى في باب الدلالة لان لقائل أن يقول: إنه قرأ الكتب سرا، واخذ عمن قرأها خفيا فلا طريق للقطع على ذلك وإنما تغلب في الظن فان قيل: ما الفائدة في الجواب بقولهم: " لا علم لنا إلا ما علمتنا "؟ قلنا: لو اقتصروا على قولهم: " لا علم "، لكان كافيا، لكن أرادوا أن يضيفوا إلى ذلك التعظيم والاعتراف بأن جميع ما يعلمونه من تعليمه، وان هذا ليس من جملة ذلك، واختصار ذلك أدل على الشكر لنعمه وقيل في معنى " عليم " أمران: