ان كنت صادقا، لكان حسنا فإذا نبهه على أنه لا يمكنه الجواب أجابه، حينئذ فيكون جوابه بهذا التدريج أثبت في قلبه، وأوقع في نفسه وقوله: " أنبئوني " قال قوم: هو امر مشروط كأنه قيل: إن أمكنكم أن تخبروا بالصدق فيه، فافعلوا وقيل: إن لفظه لفظ الامر ومعناه التنبيه على ما بيناه في سؤال العالم للمتعلم ولا يجوز أن يكون ذلك تكليفا، لأنه لو كان تكليفا، لم يكن تنبيها لهم على أن آدم يعرف من أسماء هذه الأشياء بتعريف الله إياه ذلك ما لا يعرفون فلما أراد تعريفهم ما خص به آدم، من ذلك علمنا أنه ليس بتكليف ومعنى قوله:
" إن كنتم صادقين " شرط كأنه قيل: إن كنتم صادقين في الاخبار بذلك وليس " إن " بمعنى " إذ " على ما حكاه الكسائي عن بعض المفسرين، لأنها لو كانت كذلك، لكانت " ان " - بفتح الهمزة - وتقديره: ان كنتم محققين ايمانكم، فافعلوا كذا وكذا، لان (إذ) إذا تقدمها فعل مستقبل صارت علة للفعل وسببا له كقولك: إذ قمت أي من أجل ان قمت فلو كانت إن في الآية بمعنى إذ، كان التقدير: أنبئوني بأسماء هؤلاء من أجل انكم صادقين وإذا وضعت إن مكان ذلك، وجب أن تفتح الألف وذلك خلاف ما عليه القراء والانباء قال قوم: أصله الاعلام كقولهم: انبأت عمرا زيدا أخاك بمعنى أعلمت ولا يصلح هاهنا أخبرت إلا أنه يتناول أنبئوني هاهنا بمعنى أخبروني على وجه المجاز والتوسع لتقارب المعنى في الاخبار والانباء، لان الله تعالى عالم بالأشياء فيما لم يزل فلا يجوز أن يقول: علموني لما هو عالم به ومن قال: أصله الاخبار، تعلق بظاهر القرآن وفي كيفية عرضهم قولان:
أحدهما - انه عرضهم بعد أن خلقهم والثاني - أنه عرضهم بأن صورهم لقلوب الملائكة وفي هذه الآية دليل على شرف العلم من حيث أن الله تعالى لما أراد تشريف آدم اختصه بعلم أبانه به من غيره، وجعل له الفضيلة فيه، وفي كيفية تعليم الله آدم الأسماء، قال البلخي:
ويجوز أن يكون اخبره بذلك فوعاه في وقت قصير بما أعطاه الله من الفهم والحفظ