إلا لضرورة وليس المعنى في البيتين على ما ظن، بل لو حمل (إذا) في البيتين على البطلان بطل معنى الكلام الذي أراد الشاعر، لان الأسود أراد بقوله: (وإذا) الذي نحن فيه وما مضى من عيشنا وأراد بقوله (ذلك) الإشارة إلى ما تقدم وصفه من عيشه الذي كان فيه لا مهاه لذكره يعني لا طعم له، ولا فضل لا عقاب الدهر ذلك بفساد ومعنى قول عبد مناة بن مربع: حتى إذا اسلكوهم في قتائدة إن قوله: اسلكوهم مثلا يدل على معنى محذوف، واستغنى عن ذكره بدلالة (إذا) عليه فحذف كما قال نمر بن تولب:
فان المنية من يخشها * فسوف تصادفه أينما يريد أينما ذهب وكما يقول القائل: من قبل، ومن بعد يريد من قبل ذلك، ومن بعد ذلك، ويقول القائل: إذا أكرمك أخوك فأكرمه وإذا لا (1) فلا يريد وإذا لم يكرمك فلا تكرمه ومن ذلك قول الشاعر:
فإذا وذلك لا يضرك ضرة * في يوم اسأل نائلا أو انكد (2) وكذلك لو حذف (إذا) في الآية لاستحالت عن معناها الذي تقيده (إذ)، لان تقديره: ابتدأ خلقكم إذ قال ربك للملائكة قال الزجاج والرماني أخطأ أبو عبيدة، لان كلام الله لا يجوز أن يحمل على اللغو مع امكان حمله على زيادة فائدة قال: ومعنى إذ: الوقت وهي اسم كيف يكون لغوا؟ قال والتقدير الوقت والحجة في (إذ) أن الله عز وجل ذكر خلق الناس وغيرهم، فكأنه قال: ابتدأ خلقك إذ قال ربك للملائكة وقال الفضل: لما امتن الله بخلق السماوات والأرض، ثم قال: وإذ قلنا للملائكة ما قلناه فهو نعمة عليكم وتعظيم لأبيكم واختار ذلك الحسن (3) بن علي المغربي وقال الرماني والزهري: اذكر إذ قال ربك والملائكة جمع غير أن واحدهم بغير همز أكثر فيحذفون الهمزة ويحركون اللام التي كانت ساكنة لو همز الاسم إلى اللام فإذا اجمعوا، ردوه إلى الأصل وهمزوا كما