الفساد والضلال، وتزيين ذلك، والحث عليه وهذا ينزه الله تعالى عنه ومنها التشديد الامتحان والاختبار اللذين يكون عندهما الضلال ويعقبهما ونظير ذلك في اللغة أن يسأل الرجل غيره شيئا نفيسا خطيرا يثقل على طباعه بذله فإذا بخل به، قيل له نشهد لقد بخل به فلان وليس يريدون بذلك عيب السائل وإنما يريدون عيب الباخل المسؤول، لكن لما كان بخل المسؤول ظهر عند مسألة السائل جاز أن يقال في اللغة: انه بخلك ويقولون للرجل إذا أدخل الفضة النار ليعلم فسادها من صلاحها، وظهر فسادها: أفسدت فضتك، ولا يرون أنه فعل فيها فسادا، وإنما يريدون ان فسادها ظهر عند محنته ويقرب من ذلك قولهم: فلان أضل ناقته، ولا يريدون انه أراد أن يضل، بل يكون قد بالغ في الاستتار منها وإنما يريدون ضلت منه لا من غيره ويقولون أفسدت فلانة فلانا، وأذهبت عقله وهي لا تعرفه، لكنه لما فسد وذهب عقله من أجلها، وعند رؤيته إياها قيل: قد أفسدت، وأذهبت عقله ومنها التخلية على جهة العقوبة وترك المنع بالقهر والاجبار، ومنع الألطاف التي يؤتيها المؤمنين جزاء على ايمانهم كما يقول القائل لغيره أفسدت سيفك، إذا ترك أن يصلحه لا يريد أنه أراد أن يفسد أو أراد سبب فساده، أو لم يحب صلاحه، لكنه تركه فلم يحدث فيه الاصلاح - في وقت - بالصقل والاحداد وكذلك قولهم: جعلت أظافيرك سلاحا وإنما يريدون تركت تقليمها ومنها التسمية بالاضلال والحكم به كافرا يقال: أضله إذا سماه ضالا كما يقولون: أكفره إذا سماه كافرا، ونسبه إليه قال الكميت:
وطائفة قد أكفروني بحبكم * وطائفة قالوا: مسئ ومذنب ومنها الاهلاك والتدمير قال الله تعالى: " أإذا ضللنا في الأرض " أي هلكنا فيجوز أن يكون أراد بالآية: حكم الله على الكافرين، وبراءته منهم ولعنه إياهم إهلا كالهم، ويكون اضلاله إضلالا كما كان الضلال هلاكا وإذا كان الضلال ينصرف على هذه الوجوه، فلا يجوز أن ينسب إلى الله تعالى أقبحها وهو ما أضافه إلى الشيطان، بل ينبغي أن ينسب إليه أحسنها وأجلها وإذا ثبتت