وكتمانهم ذلك عند الناس بعد إعطائهم إياه تعالى من أنفسهم الميثاق ليبيننه للناس ولا يكتمونه، وإيمانهم أنهم متى جاءهم نذير آمنوا به، فلما جاءهم النذير ازدادوا نفورا، ونبذوا ذلك وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا وهذا الوجه اختاره الطبري ويقوي هذا قوله: " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين من كتاب وحكمة، ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه، قال أأقررتم على ذلك أمري قالوا: أقررنا قال: فاشهدوا وانا معكم من الشاهدين " (1) والامر العهد أيضا وقال: في موضع آخر: " وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها " (2) وقال: " وأقسموا بالله جهد ايمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن اهدى من احدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم الا نفورا " (3) وقال قوم: إنما عنى بذلك العهد الذي أخذه الله حين أخرجهم من صلب آدم الذي وصفه في قوله: " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على أنفسهم الست بربكم.. إلى آخر الآية " (4) وهذا الوجه عندي ضعيف لان الله تعالى لا يجوز ان يحتج على عباده بعهد لا يذكرونه ولا يعرفونه وما ذكروه غير معلوم أصلا والآية سنبين القول فيها إذا انتهينا إليها إن شاء الله والقطع هو الفصل بين الشيئين أحدهما من الآخر والأصل أن يكون في الأجسام ويستعمل في الاعراض تشبيها به يقال قطع الحبل والكلام والامر هو قول القائل لمن دونه: افعل وهو ضد النهي والوصل هو الجمع بين الشيئين من غير حاجز وقال قوم الميثاق هو التوثيق كما قال: " أنبتكم من الأرض نباتا " كقولهم أعطيتهم عطاء يريد اعطاء الاعراب: وقوله: " ان يوصل " بدل من الهاء التي في به تقديره: ما أمر الله بأن يوصل، وهو في موضع خفض (والذين) موضعه نصب، لأنه صفة للفاسقين (أولئك) رفع بالابتداء (والخاسرون) خبره (وهم) فصل عند
(١٢٠)