أحدهما - ما روي عن ابن عباس أنه على الذم والاستبطاء والثاني - ما روي عن ابن مسعود انهم لا يرجعون إلى الاسلام وقال قوم: إنهم لا يرجعون عن شراء الضلالة بالهدى وهو أليق بما تقدم وهذا يدل على أن قوله: " ختم الله على قلوبهم " وطبع الله عليها ليس هو على وجه الحيلولة بينهم وبين الايمان لأنه وصفهم بالصم والبكم والعمى مع صحة حواسهم وإنما أخبر بذلك عن إلفهم الكفر واستثقالهم للحق والايمان كأنهم ما سمعوه ولا رأوه فلذلك قال: " طبع الله على قلوبهم " " وأضلهم " " وأصمهم " " وأعمى أبصارهم " " وجعل على قلوبهم أكنة " " فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم " وكان ذلك إخبارا عما أحدثوه عند امتحان الله إياهم وأمره لهم بالطاعة والايمان لأنه ما فعل بهم ما منعهم من الايمان وقد يقول الرجل: حب المال قد أعمى فلانا واصمه ولا يريد بذلك نفي حاسته لكنه إذا شغله عن الحقوق والقيام بما يجب عليه قيل: أصمه وأعماه وكما قيل في المثل: حبك للشئ يعمي ويصم - يريدون به ما قلناه - وقال مسكين الدارمي:
أعمى إذا ما جارتي خرجت * حتى يواري جارتي الخدر ويصم عما كان بينهما * سمعي وما بي غيره وقر (1) وقال آخر: أصم عما ساءه سميع فجمع الوصفين وإنما جاز (صم وبكم) بعد وصف حالهم في الآخرة كما في قوله: (وتركهم في ظلمات لا يبصرون) لامرين:
أحدهما - ان المعتمد من الكلام على ضرب المثل لهم في الدنيا في الانتفاع باظهار الايمان الثاني إنه اعتراض بين مثلين بما يحقق حالهم فيهما على سائر أمرهما وقيل إن معناه: التقديم والتأخير