عند أكثر المرجئة والمراد بذلك التصديق بجميع ما أوجب الله أو ندبه أو إباحة وهو المحكي عن ابن عباس في هذه الآية لأنه قال: الذين يصدقون بالغيب وحكى الربيع بن انس أنه قال: الذين يخشون بالغيب وقال: معناه يطيعون الله في السر والعلانية وقيل: إن الايمان مشتق من الأمان والمؤمن من يؤمن نفسه من عذاب الله والله المؤمن لأوليائه من عذابه وذلك مروي في اخبارنا وقالت المعتزلة بأجمعها: الايمان هو فعل الطاعة ومنهم من اعتبر فرائضها ونوافها ومنهم من اعتبر الواجب منها لا غير واعتبروا اجتناب الكبائر من جملتها وروي عن الرضا عليه السلام: ان الايمان هو التصديق بالقلب والعمل بالأركان والقول باللسان وقد بينا الأقوى من ذلك في كتاب الأصول واما (الغيب) فحكي عن ابن عباس أنه قال: ما جاء من عند الله وقال جماعة من الصحابة كابن مسعود وغيره: ان الغيب ما غاب عن العباد علمه من امر الجنة والنار والأرزاق والاعمال وغير ذلك وهو الأولى لأنه عام ويدخل فيه ما رواه أصحابنا من زمان الغية ووقت خروج المهدي عليه السلام وقال قوم الغيب هو القرآن حكي ذلك عن زر بن جيش وذكر البلخي ان الغيب كل ما أدرك بالدلائل والآيات مما تلزم معرفته وقال الرماني: الغيب خفاء الشئ عن الحس قرب أو بعد إلا أنه قد كثرت صفة الغائب على البعيد الذي لا يظهر للحس واصل الغيب من غاب يقولون: غاب فلان يغيب وليس الغيب ما غاب عن الادراك لان ما هو معلوم وان لم يكن مشاهدا لا يسمى غيبا والأولى ان تحمل الآية على عمومها في جميع من يؤمن بالغيب وقال قوم: انها متناولة لمؤمني العرب خاصة دون غيرهم من مؤمني أهل الكتاب قالوا بدلالة قوله فيما بعد (والذين يؤمنون بما انزل إليك وما انزل من قبلك) قالوا ولم يكن للعرب كتاب قبل الكتاب الذي أنزله الله على نبيه تدين بتصديقه وإنما الكتاب لأهل الكتابين وهذا غير صحيح لأنه لا يمنع أن تكون الآية الأولى عامة في جميع المؤمنين المصدقين بالغيب وإن كانت الآية الثانية خاصة في قوم لان تخصيص الثانية لا يقتضي
(٥٥)