النعم التي هي خلق الحياة والقدرة والشهوة وما يقدر من النعم لا يوازيه نعمة منعم فلذلك اختص الله بأن يعبد وان استحق بعضنا على بعض الشكر والعبادة في اللغة الذلة يقال هذا طريق معبد إذا كان مذللا بكثرة الوطئ وبعير معبد اي مذلل بالركوب وقيل أصله إذا طلي بالقطران وسمي العبد عبدا لذلته لمولاه ومن العرب من يقول: هياك فيبدل الألف هاء كما يقولون: هيه وايه ونستعين اي نطلب منك المعونة على طاعتك وعبادتك واصله نستعون لأنه من المعونة فقلبت الواو ياء لثقل الكسرة عليها ونقلت كسرتها إلى العين قبلها وبقيت الياء ساكنة والتقدير في أول السورة إلى ههنا اي قل يا محمد هذا الحمد وهذا كما قال: " ولو ترى إذا المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا (1) اي: يقولون ربنا وكما قال: " والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم " اي: يقولون سلام عليكم وحمزة والكسائي إذا وقفا اشما الدال الرفع وكذلك في سائر القرآن فاما إذا وقفا على النصب تخير الكسائي الاشمام وتركه أجود ومن استدل بهذه الآية على أن القدرة مع الفعل من حيث إن القدرة لو كانت متقدمة لما كان لطلب المعونة وجه إذا كان الله قد فعلها فيه فقد أخطأ لان الرغبة في ذلك تحتمل أمرين:
أحدهما - ان يسأل الله تعالى من الطافه وما يقوي دواعيه ويسهل الفعل عليه ما ليس بحاصل ومتى لطف له بأن يعلمه أن له في عاقبة الثواب العظيم والمنازل الجليلة زاد ذلك في نشاطه ورغبته والثاني - ان يطلب بقاء كونه قادرا على طاعاته المستقبلة بأن يجدد له القدرة حالا بعد حال عند من لا يقول ببقائها أولا يفعل ما يضادها وينفيها عند من قال ببقائها فان قيل هلا قدم طلب المعونة على فعل العبادة لان العبادة لا تتم إلا بتقدم المعونة أولا؟ قيل: في الناس من قال المراد به التقديم والتأخير فكأنه قال: إياك نستعين وإياك نعبد ومنهم من قال: ليس يتغير بذلك المعنى كما إن