فهو عز شأنه أجل من أن المعيب ويقبل الصحيح كيف وقد نهى عباده عن تبعيض الصفقة ولا يليق بكرمه رد الجميع فلم يبق لا قبول الكل وفيه المطلوب وأما الالتفات من الغيبة إلى الخطاب فقد ذكرت له في تفسيري الموسوم بالعروة الوثقى أربع عشرة نكتة واقتصر هنا على ست نكات (الأول) التنبيه على أن القراءة ينبغي أن تكون عن قلب حاضر وتوجه كامل بحيث كلما أجرى القاري اسما من تلك الأسماء العليا والنعوت العظمى على لسانه أو نقشه على صفحة جنانه حصل للمطلوب مزيد انكشاف وانجلاء وأحس هو بتزايد قرب واعتلاء وهكذا شيئا فشيئا إلى أن يترقى من مرتبة البرهان إلى درجة الحضور والعيان فيستدعي المقام حينئذ العدول إلى صيغة الخطاب والجري على هذا النمط المستطاب (الثاني) أن من يبده هدية حقيرة معيبة وأراد أن يهديها إلى ملك عظيم ويجعلها وسيلة إلى نجاح حاجتة فإن عرضها بالمواجهة وطلب منه حاجته بالمشافهة كان ذلك أقرب إلى قبول الهدية ونجاح الحاجة من العرض بدون المواجهة فإن في رد الهدية في وجه المهدي لها كسرا عظيما لخاطره وأما ردها في الغيبة فليس بهذه المثابة (الثالث) الإشارة إلى أن حق الكلام أن يجري من أول الأمر على طريق (1) *
(٢٩١)