الخطاب لأنه سبحانه حاضر لا يغيب بل هو أقرب من حبل الوريد ولكنه إنما جرى على طريق الغيبة والبعد عن مقام القرب والحضور رعاية لقانون الأدب لذي هو دأب السالكين وشعار العاشقين كما قيل طريق (1) العشق كلها آداب فلما حصل القيام بهذه الوظيفة جرى الكلام على ما كان حقه أن يجري عليه في ابتداء الذكر ففي الحديث القدسي أنا جليس من ذكرني (الرابع) التنبيه على علو مرتبة القرآن المجيد وسيما آياته المتضمنة لذكر الله عز شأنه والإرشاد (2) إلى أن العبد باجراء هذا القدر منه على لسانه ونقشه على صفحة جنانه يصير أهلا لمجلس الخطاب فائزا بسعادة الحضور والاقتراب فكيف لو لازم وظائف الأذكار وواظب على تلاوته وتدبر معانيه بالليل والنهار فلا ريب في ارتفاع الحجب من البين والوصول من الأثر إلى العين (وقد روي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام) أنه قال لقد تجلى الله لعبادة في كلامه ولكن لا يبصرون (وروي أنه عليه السلام) كان يصلي في بعض الأيام فخر مغشيا عليه في أثناء الصلاة فسئل بعد ها عن سبب غشيته فقال ما زلت أردد هذه الآية حتى سمعها من قائلها (قال بعض العارفين) عن لسان
(٢٩٢)