النعمة وسوقها إلى المنعم واقداره على ايصالها كلها صادرة عنه جل شأنه وعظم امتنانه وتقديمه على الرحيم مع اقتضاء الترقي العكس لصيرورته بسبب الاختصاص به سبحانه كالواسطة بين العلم والوصف فناسب توسطه بينهما وفي ذكر هذه الأسماء في البسملة التي هي مفتتح الكتاب الكريم تأسيس لمباني الجود والكرم وتشييد لمعالم العفو والرأفة وإيماء إلى مضمون سبقت رحمتي غضبي وتنبيه على أن الحقيق بأن يستعان بذكره في مجامع الأمور هو الجامع لصفات الكمال البالغ في الرحمة غايتها المولي للنعم بأسرها عاجلها وآجلها جليلها وحقيرها (الحمد لله رب العالمين) (الحمد) هو الثناء على مزية اختيارية وأما حمده سبحانه على بعض صفاته فراجع إلى الحمد على الآثار المرتبة على نفس الذات المقدسة بناء على ما هو الحق من عينيتها لها وتلكك الآثار اختيارية ولامه إما جنسية أو استغراقية وعهدية أي حقيقة الحمد أو جميع أفراده أو الفرد الأكمل اللائق به ثابت له جل وعلا ثبوتا قصر يا كما تفيده لام الاختصاص ولو بمعونة المقام والرب إما مصدر بمعنى التربية وهي تبليغ الشئ كما له تدريجا وصف به للمبالغة كالعدل وإما صفة مشبهة من ربه يربه بعد نقله إلى اللازم كما مر في الرحمن وإضافة حقيقته لانتفاء عمل النصب فهو مثل كريم البلد فجاز
(٢٨٤)