المحصر لا يحل حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة وإن اضطر إلى شئ من لبس الثياب التي لا بد له منها والدواء صنع ذلك وافتدى فقد ثبت بهذه الروايات أيضا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوافق ما تأولنا عليه حديث الحجاج الذي ذكرناه ثم اختلف الناس بعد هذ في الاحصار الذي هذا حكمه بأي شئ هو أو بأي معنى يكون فقال قوم يكون بكل حابس يحبسه من مرض أو غيره وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله وقد روينا ذلك أيضا فيما تقدم من هذا الباب عن ابن مسعود وابن عباس وقال آخرون لا يكون الاحصار الذي حكمه ما وصفنا إلا بالعدو خاصة ولا يكون بالأمراض وهو قول بن عمر حدثنا محمد بن زكريا أبو شريح قال ثنا الفريابي قال ثنا سفيان الثوري عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال لا يكون الاحصار إلا من عدو حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عبن شهاب عن سالم عن أبيه أنه قال من حبس دون البيت بمرض فإنه لا يحل حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة فلما وقع في هذا هذا الاختلاف وقد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث الحجاج بن عمرو وابن عباس وأبي هريرة ما ذكرنا من قوله يعني النبي صلى الله عليه وسلم من كسر أو عرج فقد حل وعليه حجة أخرى ثبت بذلك أن الاحصار يكون بالمرض كما يكون بالعدو فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار وأما وجهه من طريق النظر فإنا قد رأيناهم أجمعوا أن إحصار العدو يجب به للمحصر الاحلال كما قد ذكرنا واختلفوا في المرض فقال قوم حكمه حكم العدو في ذلك إذا كان قد منعه من المضي في الحج كما منعه العدو وقال آخرون حكمه بائن من حكم العدو فأردنا أن ننظر ما أبيح بالضرورة من العدو هل يكون مباحا بالضرورة بالمرض أم لا فوجدنا الرجل إذا كان يطيق القيام كان فرض أن يصلي قائما وإن كان يخاف إن قام أن يعاينه العدو فيقتله أو كان العدو قائما على رأسه فمنعه من القيام فكل قد أجمع أنه قد حل له أن يصلي قاعدا وسقط عنه فرض القيام
(٢٥٢)