وليس فيما رويناه أول خلاف لهذا عندنا لان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من كسر أو عرج فقد حل فقد يحتمل أن يكون فقد حل له أن يحل لا على أنه قد حل بذلك من إحرامه ويكون هذا كما يقال قد حلت فلانة للرجال إذا خرجت من عدة عليها من زوج قد كان لها قبل ذلك ليس على معنى أنها قد حلت لهم فيكون لهم وطؤها ولكن على معنى أنه قد حل لهم أن يتزوجوها تزوجا يحل لهم وطؤها هذا كلام جائز مستساغ فلما كان هذا الحديث قد احتمل ما ذكرنا وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عروة عن المسور ما قد وصفنا ثبت بذلك هذا التأويل وقد بين الله عز وجل ذلك في كتابه بقوله عز وجل فان أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فلما أمر الله تعالى المحصر أن لا يحلق رأسه حتى يبلغ الهدي محله علم بذلك أنه لا يحل المحصر من إحرامه إلا في وقت ما يحل له حلق رأسه فهذا قد دل عليه قول الله تعالى ثم فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية والدليل على صحة ذلك التأويل أيضا أن حديث الحجاج بن عمرو قد ذكر عكرمة أنه حدثه بن عباس وأبا هريرة رضي الله عنهما فقالا صدق فصار ذلك الحديث عن ابن عباس وعن أبي هريرة أيضا وقد قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في المحصر ما قد وافق التأويل الذي صرفنا إليه حديث الحجاج ودل عليه ما حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا يحيى بن سعيد القطان عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة وأتموا الحج والعمرة لله فان أحصرتم فما استيسر من الهدي قال إذا أحصر الرجل بعث الهدي ولا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فصيام ثلاثة أيام فإن عجل فحلق قبل أن يبلغ الهدي محله فعليه فدية من صيام أو صدقة أو نسك صيام ثلاثة أيام أو تصدق على ستة مساكين كل مسكين نصف صاع أو النسك شاة فإذا أمن مما كان به فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فإن مضى من وجهه ذلك فعليه حجة وان أخر العمرة إلى قابل فعليه حجة وعمرة وما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج أخرها يوم عرفة وسبعة إذا رجعتم
(٢٥٠)