الصحيحين، ورتب أحاديث " الحلية " لأبي نعيم على الأبواب، ومات عنه مسودة، فبيضه وأكمله شيخنا في مجلدين، وأحاديث " الغيلانيات "، و " الخلعيات " وفوائد تمام، والأفراد للدارقطني أيضا على الأبواب في مجلدين، ورتب كلا من " ثقات ابن حبان " و " ثقات العجلي " على الحروف. وأعانه بكتبه، ثم بالمرور عليها، وتحريرها وعمل خطبها، ونحو ذلك، وعادت بركة الزين عليه في ذلك وفى غيره. كما أن الزين استروح بعد بما عمله سيما " الجمع ".
وكان عجبا في الدين والتقوى والزهد والإقبال على العلم، والعبادة، والأوراد، وخدمة الشيخ، وعدم مخالطة الناس في شئ، من الأمور، والمحبة في الحديث وأهله.
وحدث بالكثير رفيقا للزين، بل قل أن حدث الزين بشئ إلا وهو معه وكذلك قل أن حدث هو بمفرده لكنهم بعد وفاة الشيخ أكثروا عنه. ومع ذلك فلم يغير حاله، ولا تصدر، ولا تمشيخ. وكان مع كونه شريكا للشيخ يكتب عنه الأمالي بحيث كتب عنه جميعا. وربما استملى عليه، ويحدث بذلك عن الشيخ لا عن نفسه إلا لمن يضايقه، ولم يزل على طريقته حتى مات في ليلة الثلاثاء تاسع عشر رمضان سنة سبع بالقاهرة، ودفن من الغد خارج باب البرقية منها، رحمه الله وإيانا.
وقد ترجمه ابن خطيب الناصرية في حلب، والتقى الفاسي في " ذيل التقييد " وشيخنا في معجمه، وإنبائه، ومشيخه البرهان الحلبي، والغرس خليل الأقفهسي في " معجم ابن ظهيرة " والتقى ابن فهد في معجمه، وذيل الحفاظ، وخلق كالمقريزي في عقوده.
قال شيخنا في معجمه: وكان خيرا، ساكنا، لينا، سليم الفطرة، شديد الإنكار للمنكر، كثير الاحتمال لشيخنا ولأولاده، محبا في الحديث وأهله، ثم أشار لما سمعه منه وقرأه عليه. وأنه قرأ عليه إلى أثناء الحج من " مجمع الزوائد " سوى المجلس الأول منه ومواضع يسيرة من إثنائه، ومن أول زوائد مسند أحمد إلى قدر الربع منه.
قال: وكان يودني كثيرا ويعينني عند الشيخ، وبلغه أنني تتبعت أوهامه في " مجمع الزوائد " فعاتبني، فتركت ذلك إلى الآن، واستمر على المحبة والمودة.
قال: وكان كثير الاستحضار للمتون، يسرع الجواب بحضرة الشيخ، فيعجب الشيخ ذلك. وقد عاشرتهما مدة فلم أرهما يتركان قيام الليل، ورأيت من خدمته لشيخنا وتأدبه معه من غير تكلف لذلك ما لم أره لغيره، ولا أظن أحدا يقوى عليه.