من قومه لقد أصابت فلان فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش، وما سوى هذا فهو سحت، وما سواهن يا قبيصة سحت يأكلها صاحبها سحت ".
(305) حدثنا روح، ثنا الأخضر بن عجلان التيمي، أنه سمع شيخا من بني حنيفة يقال له أبو بكر يحدث عن أنس بن مالك، أن رجلا من الأنصار أصابه هو وأهل بيته جهد فدخل عليهم فوجدهم مصروعين من الجهد والجوع فقال: ما لكم؟ قالوا:
الجوع، أغثنا بشئ، فانطلق الأنصاري حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا نبي الله، أتيتك من عند أهل بيت ما أراني أرجع إليهم حتى يهلكوا أو يهلك بعضهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما عندك شئ؟ " قال: ما عندي شئ، قال:
" فاذهب فأت بما كان عندك من شئ " فرجع الأنصاري فلم يجد إلا حلسا وقدحا فأتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا نبي الله، هذا الحلس والقدح كل شئ عندنا، أما الحلس فكانوا يفترشون طائفة منه ويلبسون طائفة، وأما القدح فكانوا يشربون فيه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " من يشترى هذا الحلس والقدح؟ " فقال رجل: يا رسول الله، أنا آخذهما بدرهم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " من يزيد على درهم؟ " فقال رجل، أنا آخذهما يا نبي الله باثنين، قال: " هما لك " فأعطاه بدرهمين، ثم قال:
" اذهب فاشتر بأحدهما طعاما فانبذه إليهم واشتر بأحدهما فأسا ثم إئتني به ". قال:
ففعل ذلك فأتاه بفأس فأخذها نبي الله - صلى الله عليه وسلم - بيده فقال: " هل عندك عصا أشدها لك فيه؟ " فقال: لا والله ما هو عندي، فقال رجل من القوم: يا نبي الله، عندي نصاب عسى أن يوافقه، قال: " فأت بها وإن شئت " قال: فأتى بها، فأخذ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - الفأس فأثبتها في النصاب ثم دفعها إلى الأنصاري وقال له: " اذهب بهذه الفأس فحطب ما وجدت من عاج أو شوك أو حطب ثم احزم حزمتك فأت بها السوق فبعها بما قضى الله لك، ثم لا تأتني ولا أراك خمس عشرة ليلة، فجعل الرجل يغدو كل يوم يحطب ثم يجئ بحطبه إلى السوق فيبيعه بثلثي درهم حتى أتت عليه خمس عشرة ليلة فأصاب فيها عشرة دراهم، ثم أتى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:
يا نبي الله قد جعل الله تعالى لي في الذي أمرتني به بركة قد أصبت في خمس عشرة ليلة عشرة دراهم، فابتعت بخمسة دراهم للعيال طعاما وابتعت لهم كسوة بخمسة دراهم، فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: " هذا خير لك من (أن) تأتي يوم القيامة في وجهك نكت المسألة، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لذي دم موجع، أو غرم