(حلق رأسه) بتشديد اللام وتخفيفها أي أمر بحلقه. اختلفوا في اسم هذا الرجل الذي حلق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فالصحيح المشهور أنه معمر بن عبد الله العدوي لما في صحيح البخاري قال: زعموا أنه معمر بن عبد الله. قال في المرقاة في الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قصر في عمرة القضاء، وقد قال تعالى: (محلقين رؤوسكم ومقصرين) فدل على جواز كل منهما إلا أن الحلق أفضل بلا خلاف، والظاهر وجوب استيعاب الرأس، وبه قال مالك وغيره، وحكى النووي الاجماع عليه والمراد به إجماع الصحابة أو السلف رحمهم الله، ولم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه الكرام الاكتفاء ببعض شعر الرأس. وأما القياس على مسح الرأس فغير صحيح للفرق بينهما. ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام قط أنهم اكتفوا بحلق بعض الرأس أو تقصيره بل ورد النهي عن القزعة حتى للصغار وهي حلق بعض الرأس وتخلية بعضه فالظاهر أنه لا يخرج في الإحرام إلا بالاستيعاب كما قال به مالك. قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم.
(ثم رجع إلى منزله بمنى) وهو الآن يسمى مسجد الحنيف. قال ابن حجر المكي: هو ما بين مسجد الحنيف ومحل نحره المشهور على يمين الذاهب إلى عرفة (فدعا بذبح) بكسر أوله ما يذبح من الغنم (ثم دعا بالحلاق) هو معمر بن عبد الله العدوي وقيل غيره (فأخذ بشق رأسه الأيمن) قال الطيبي: دل على أن المستحب الابتداء بالأيمن، وذهب بعضهم إلى أن المستحب الأيسر أي ليكون أيمن الحالق (الشعرة) بفتح الشين (ثم قال ههنا) بحذف حرف الاستفهام (أبو طلحة) الأنصاري (فدفعه) أي النصف (إلى أبي طلحة) قال الشوكاني: فيه مشروعية التبرك بشعر أهل الفضل ونحوه، وفيه دليل على طهارة شعر الآدمي وبه قال الجمهور. قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.