(عن أبي البداح) بفتح الموحدة فتشديد الدال وبالحاء المهملتين ابن عاصم (عن أبيه) أي عاصم بن عدي. قال الطيبي رحمه الله: الصحيح أن أبا البداح صحابي يروي عن أبيه قال ابن عبد البر: وقد اختلف في صحبته فقيل له إدراك وقيل إن الصحبة لأبيه وليست له صحبة، والصحيح أنه صحابي (رخص لرعاء الإبل) بكسر الراء والمد وجمع راع أي لرعاتها (في البيتوتة) أي في تركها (يرمون) أي جمرة العقبة (يوم النحر) أي يوم العيد وهو العاشر من ذي الحجة (ثم يرمون الغد) من يوم النحر وهو اليوم الحادي عشر وأول أيام التشريق (ومن بعد الغد) وهو اليوم الثاني عشر (بيومين) أي ليومين متعلق ليرمون فظاهر الحديث أنهم يرمون بعد يوم النحر وهو اليوم الحادي عشر لذلك اليوم باليوم الآتي وهو الثاني عشر، ويجمعون بين رمي يومين بتقديم الرمي على يومه وفي الترمذي والنسائي وغيرهما من هذا الوجه بلفظ: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعاء الإبل في البيتوتة أن يرموا يوم النحر ثم يجمعوا رمي يومين بعد يوم النحر فيرموه في أحدهما (ويرمون يوم النفر) أي الانصراف من منى وهذا الظاهر خلاف ما فسره مالك لهذا الحديث فقال في الموطأ والزرقاني في شرحه قال مالك: تفسير الحديث فيما نرى والله أعلم أنهم يرمون يوم النحر جمرة العقبة ثم ينصرفون لرعيهم فإذا مضى اليوم الذي يلي يوم النحر وهو ثانيه أتوا اليوم الثالث رموا من الغد وذلك يوم النفر الأول لمن تعجل في يومين فيرمون لليوم الذي مضى أي ثاني النحر، ثم يرمون ليومهم ذلك الحاضر ثالث النحر ويدل لفهم مالك الإمام رواية سفيان الآتية بلفظ: رخص للرعاء أن يرموا يوما " ويدعوا يوما ". قال مالك: فإن بدا لهم النفر فقد فرغوا لأنهم تعجلوا في يومين وإن أقاموا بمنى إلى الغد رموا مع الناس يوم النفر الآخر بكسر الخاء ونفروا، وهكذا قاله مالك والزرقاني في شرحه.
وقال الخطابي: أراد بيوم النفر ههنا النفر الكبير وهذا رخصة رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم للرعاء لأنهم مضطرون إلى حفظ أموالهم فلو أنهم أخذوا بالمقام والمبيت بمنى ضاعت أموالهم وليس حكم غيرهم كحكمهم. وقد اختلف الناس في تعيين اليوم الذي يرمى فيه فقال مالك:
يرمون يوم النحر، فإذا مضى اليوم الذي يلي يوم النحر رموا من الغد وذلك يوم النقر الأول