يدل عليه حديث أنس يقول خرجت مع رسول الله إلى خيبر أخدمه فلما قدم النبي راجعا وبدا له أحد قال هذا جبل يحبنا ونحبه ثم أشار بيده إلى المدينة قال اللهم إني أحرم ما بين لابتيها كتحريم إبراهيم مكة اللهم بارك في صاعنا ومدنا رواه البخاري في باب فضل الخدمة في الغزو وقال الطحاوي يحتمل أن يكون سبب النهي عن صيد المدينة وقطع شجرها كون الهجرة كانت إليها فكان بقاء الصيد والشجر مما يزيد في زينتها ويدعو إلى ألفتها كما روى ابن عمر أن النبي نهى عن هدم آطام المدينة فإنها من زينة المدينة فلما انقعت الهجرة زال ذلك وما قاله ليس بواضح لأن النسخ لا يثبت إلا بدليل وقد ثبت على الفتوى بتحريمها سعد وزيد بن ثابت وأبو سعيد وغيرهم كما أخرجه مسلم كذا في الفتح والقول الراجح المعول عليه قول من قال أن المدينة حرما كما أن لمكة حرما يدل عليه أحاديث كثيرة صحيحة صريحة وهو قول الجمهور قوله (حدثنا الحسين بن حريث) المروزي (أخبرنا الفضل بن موسى) السيناني (عن عيسى بن عبيد) الكندي المروزي (عن غيلان بن عبد الله العامري) لين من السابعة (عن جرير بن عبد الله) البجلي قوله (أي هؤلاء الثلاثة) منصوب على الظرفية لقوله (نزلت) أي للإقامة بها والاستيطان فيها (المدينة) بالجر على البدلية من الثلاثة (أو البحرين) موضع بين بصرة وعمان وقيل بلاد معروفة باليمن وقال الطيبي جزيرة ببحر عمان (أو قنسرين) بكسر القاف وفتح النون الأولى المشددة ويكسر بلد بالشام وهو غير منصرف قال القاري هذا الحديث مشكل فإن التي رآها وهو بمكة أنها دار هجرته وأمر بالهجرة إليها هي المدينة كما في الأحاديث التي أصح من هذا وقد يجمع بأنه أوحي إليه بالتخيير بين تلك الثلاثة ثم عين له إحداها وهي أفضلها انتهى قلت وفي حديث أبي موسى عند البخاري عن النبي رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وعلى أنها اليمامة أو حجر فإذا هي المدينة يثرب قاله الحافظ ووقع
(٢٩٢)