(باب) قوله (قد كان يكون في الأمم محدثون) بفتح الدال المشددة جمع محدث قال الحافظ واختلف في تأويله فقيل ملهم قاله الأكثر قالوا المحدث بالفتح هو الرجل الصادق الظن وهو من ألقى في روعه شئ من قبل الملأ الأعلى فيكون كالذي حدثه غيره به وبهذا جزم أبو أحمد العسكري وقيل من يجري الصواب على لسانه من غير قصد وقيل مكلم أي تكلمه الملائكة بغير نبوة وهذا ورد من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا ولفظه قيل يا رسول الله وكيف يحدث قال تتكلم الملائكة على لسانه رويناه في فوائد الجوهري وحكاه القابسي واخرون انتهى (فإن يك في أمتي أحد) أي من المحدثين (فعمر بن الخطاب) وفي بعض النسخ يكون عمر بن الخطاب والسبب في تخصيص عمر بالذكر لكثرة ما وقع له في زمن النبي صلى الله عليه وسلم من الموافقات التي نزل القران مطابقا لها ووقع له بعد النبي صلى الله عليه وسلم عدة إصابات قيل لم يورد هذا القول موردا لترديد فإن أمته أفضل الأمم وإذا ثبت أن ذلك وجد في غيرهم فإمكان وجوده فيهم أولى وإنما أورده مورد التأكيد كما يقول الرجل إن يكن لي صديق فإنه فلان يريد اختصاصه بكمال الصداقة لا نفي الأصدقاء وقيل الحكمة فيه أن وجودهم في بني إسرائيل كان قد تحقق وقوعه وسبب ذلك احتياجهم حيث لا يكون حينئذ فيهم نبي واحتمل عنده صلى الله عليه وسلم أن لا تحتاج هذه الأمة إلى ذلك لاستغنائها بالقرآن عن حدوث نبي وقد وقع الأمر كذلك حتى إن المحدث منهم إذا تحقق وجوده لا يحكم بما وقع له بل لا بد له من عرضه على القرآن فإن وافقه أو وافق السنة عمل به وإلا تركه وهذا وإن جاز أن يقع لكنه نادر ممن يكون أمره منهم مبنيا على اتباع الكتاب والسنة وتمحضت الحكمة في وجودهم وكثرتهم بعد العصر الأول في زيادة شرف هذه الأمة بوجود أمثالهم فيه وقد تكون الحكمة في تكثيرهم مضاهاة بني إسرائيل في كثرة الأنبياء فيهم فلما فات هذه الأمة كثرة الأنبياء فيها لكون نبيها خاتم الأنبياء عوضوا بكثرة الملهمين قاله الحافظ قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه مسلم والنسائي وأخرجه البخاري عن أبي هريرة (يعني مفهمون) اسم مفعول من التفهيم
(١٢٥)