به فإنك قد ضيعت أمور المسلمين وفوضت ذلك إلى غيرك يحكم فيهم بغير حكم الله و قعدت في هذا البلاد وتركت بيت الهجرة ومهبط الوحي وأن المهاجرين والأنصار يظلمون دونك ولا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة.
ويأتي على المظلوم دهر يتعب فيه نفسه ويعجز عن نفقته ولا يجد من يشكو إليه حاله ولا يصل إليك فاتق الله يا أمير المؤمنين في أمور المسلمين وارجع إلى بيت النبوة ومعدن المهاجرين والأنصار، أما علمت يا أمير المؤمنين إن والى المسلمين مثل العمود في وسط الفسطاط، من أراده أخذه.
قال المأمون: يا سيدي فما ترى؟ قال أرى أن تخرج من هذه البلاد وتتحول إلى موضع آبائك وأجدادك وتنظر في أمور المسلمين ولا تكلهم إلى غيرك فإن الله تعالى سائلك عما ولاك فقام المأمون فقال: نعم ما قلت يا سيدي، هذا هو الرأي.
فخرج وأمر أن يقدم النوائب وبلغ ذلك ذا الرياستين فغمه غما شديدا وقد كان غلب على الأمر ولم يكن للمأمون عنده رأي فلم يجسر أن يكاشفه، ثم قوى بالرضا عليه السلام جدا فجاء ذو الرياستين إلى المأمون فقال له: يا أمير المؤمنين ما هذا الرأي الذي أمرت به قال أمرني سيدي أبو الحسن عليه السلام بذلك وهو الصواب.
فقال: يا أمير المؤمنين ما هذا الصواب قتلت بالمس أخاك وأزلت الخلافة عنه، وبنو أبيك معادون لك وجميع أهل العراق وأهل بيتك والعرب، ثم أحدثت هذا الحدث الثاني إنك وليت ولاية العهد لأبي الحسن وأخرجتها من بني أبيك والعامة والفقهاء والعلماء وآل العباس لا يرضون بذلك.
قلوبهم متنافرة عنك، فالرأي أن تقيم بخراسان حتى تسكن قلوب الناس على هذا ويتناسوا ما كان من أمر محمد أخيك وهيهنا يا أمير المؤمنين مشايخ قد خدموا الرشيد وعرفوا الأمر فاستشرهم في ذلك فإن أشاروا بذلك فامضه فقال المأمون مثل من؟ قال: مثل علي بن عمران وأبو يونس والجلودي وهؤلاء الذين نقموا بيعة أبى