(تدوين الحديث في مذهب أهل البيت) إن أول كتاب الف في الإسلام كتاب ألفه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وبيان ذلك أنه عليه السلام جمع ما سمعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مسائل الحلال والحرام، و ما بينه من الأحكام الدينية في الأصول والفروع، وهذا الكتاب كان مدونا، موجودا عند أهل بيته عليه السلام وكانوا يتوارثونه طبقة بعد طبقة.
ويوجد في كتب الحديث ونصوص الأحكام موارد كثيرة جاء فيها: وفي كتاب علي كذا وكذا، ونقل عن أئمة أهل البيت عليهم السلام إنهم إذا بينوا مسألة استشهدوا بكتاب علي عليه السلام ويقولون هكذا في كتاب علي، أو هذا لم يوجد في كتاب علي.
ثم ألف أبو رافع خازن بيت المال في أيام خلافة أمير المؤمنين عليه السلام كتابا في السنن والأحكام والقضايا، وألف ابنه عبيد الله كتابا اسمه (أسماء من شهد من الصحابة في صفين) وألف أيضا عبد الله بن عباس ما سمعه من أمير المؤمنين عليه السلام في علوم القرآن وتفسير الآيات، وكان ابن عباس تلميذا له واستفاد منه كثيرا، وكان يفتخر بذلك.
وبعد وقعة رمضان وشهادة أمير المؤمنين عليه السلام تغلب معاوية وجلس على عرش الخلافة، وأظهر العداوة لأمير المؤمنين وأهل بيته وشيعته فعند ذلك ضاقت الأرض علي الحسن والحسين عليهما السلام وهما صارا حليفا البيت، ولم يجسر أحد أن يأتيهما ويأخذ منهما الحديث ومسائل الشريعة، وهكذا كانت أحوال شيعتهم ومحبيهم، وكان الأمر كذلك إلى أن فشل أمر بني أمية ووقع الخلاف بينهم وبين بني عباس وفي أيام الفترة وانتقال الخلافة من بني أمية إلى بني العباس خلى الجو للباقر والصادق عليهما السلام، وهما اغتنما الفرصة وأقاما مجالس البحث والتنقيب حول الأحكام والمسائل الدينية، و في هذا الفرصة حضرت جماعة من مختلف البلدان في المدينة المنورة واستفادوا من هذين الإمامين عليهما السلام وألفوا كتبا كثيرة في مسائل الحلال والحرام وأصول الدين وفروعه.